بعد حريق بوبكات، لم تعد لوس أنجلوس تشعر بالأمان. أصابتني حرائق الغابات في لوس أنجلوس بالصدمة والغضب والحزن. لقد كانت منطقة ألتادينا بالقرب من باسادينا، حيث ألحق حريق إيتون الضرر أو دمر ما لا يقل عن 5000 مبنى، موطني لمدة 14 عاماً.
قبل عامين، انتقلت بعائلتي بعيداً لأن مناخ كاليفورنيا أصبح أكثر جفافاً وسخونة واشتعالاً بالنيران، وخشيت أن يحترق حيُّنا. لكن حتى أنا لم أكن أعتقد أن حرائق بهذا الحجم والشدة ستجتاحه وأجزاء كبيرة أخرى من المدينة بهذه السرعة. ومع ذلك، تُظهر صور منطقة ألتادينا هذا الأسبوع مشهداً جحيمياً.
أحد الدروس التي تعلمناها من تغير المناخ مراراً وتكراراً، هو أن الأمور السيئة يمكن أن تحدث قبل الموعد المتوقع. غالباً ما كانت التنبؤات العلمية حول آثار المناخ متفائلة بشكل مفرط. ولكن الآن، للأسف، تسارع الاحترار يتجاوز توقعات العلماء.
علينا أن نواجه حقيقة أن لا أحد سيأتي لإنقاذنا، خاصة في الأماكن المعرضة للكوارث مثل لوس أنجلوس، حيث كان خطر حرائق الغابات الكارثية واضحاً لسنوات. لذا، يواجه الكثير منا خياراً حقيقياً - البقاء أو الرحيل. وأنا اخترت الرحيل.
غالباً ما يُطلق على ألتادينا لقب «السر الأكثر كتماناً» في لوس أنجلوس، وهي بلدة صغيرة تقع في سفوح الجبال، بعيدة عن ازدحام المدينة، حيث بدا أن الجميع يعرفون بعضهم البعض. وصلت مع عائلتي في عام 2008 للحصول على درجة الدكتوراه في الفيزياء الفلكية. شعرت وكأننا وصلنا إلى الجنة: شجرة أفوكادو ضخمة في الفناء الخلفي لدينا، أسراب من الببغاوات الخضراء تحلق فوق رؤوسنا، حدائق كاليفورنيا للتكنولوجيا في باسادينا التي استمتع بها مع أطفالي، حتى في يناير.
بدأت أشعر بالقلق بشأن تغير المناخ كطالب دراسات عليا في عام 2006. وازدادت مخاوفي قوة مع ارتفاع حرارة الكوكب. في عام 2012، غيرت مساري المهني من دراسة موجات الجاذبية إلى علم المناخ، وحصلت على وظيفة في مختبر الدفع النفاث التابع لوكالة «ناسا». كما بدأت في تربية الدجاج والنحل (مثل العديد من جيراني)، والتطوع مع مجموعات المناخ المحلية وركوب الدراجات في جميع أنحاء المدينة لإلقاء محاضرات حول المناخ.
ولكن أزمة المناخ استمرت في التفاقم عاماً بعد عام. كنت أرغب في الصراخ من فوق أسطح المنازل لجعل الناس يدركون أن الاحتباس الحراري هو تهديد عاجل. كتبت مقالات وتغريدات بلغة لاذعة، وأسست منظمات غير ربحية لتطوير تطبيق للمناخ ومجموعة إعلامية للمناخ.
ثم، في سبتمبر 2020، شعرت بالإرهاق الحراري لأول مرة خلال موجة حر شديدة. وفي اليوم التالي، اندلع حريق «بوبكات»، وهو حريق هائل، على بعد أميال قليلة من حيّنا في مرتفعات «ألتادينا». في لوس أنجلوس، تكون الأحياء القريبة من الجبال والمناطق البرية أكثر عرضة لخطر حرائق الغابات. استعددنا للإخلاء، ولكن، على عكس الحرائق المستعرة الآن، ظل الحريق محصوراً إلى حد كبير في المناطق البرية. ومع ذلك، لأسابيع، كانت عائلتي وأنا محاطين بسحابة من الدخان. كانت رئتاي تؤلماني وأشعر بوخز دائم في أصابعي.
بعد حريق «بوبكات»، لم تعد لوس أنجلوس تشعر بالأمان. كنت خائفاً على صحة عائلتي، وتساءلت: كيف سنتمكن من الإخلاء إذا بدأ الحي في الاشتعال؟ في عام 2022، عُرضت على زوجتي وظيفة في «دورهام»، بولايات نورث كارولينا، وانتقلنا.
لقد كنت أشاهد مأساة هذا الأسبوع من بعيد، وأجمع القصة من خلال تقارير الأخبار المحلية والنصوص والفيديوهات من أصدقائي، الذين فقد بعضهم منازلهم، محاولا معرفة ما الذي احترق وما الذي لم يحترق. مستشفى الحيوانات الأليفة الخاص بكلبنا، اختفى. وكذلك الكنيسة التي أقيمت فيها حفلات الكمان لأولادي، ومتحف الأرانب الغريب الذي كنت أتجول فيه على دراجتي، ومتجر الأجهزة الذي زرته مئات المرات، والمقهى الذي كنت أقابل فيه أصدقائي ونشطاء المناخ، كل ذلك اختفى.
أرسل لي جاري السابق رسالة ليقول إن شارعنا الصغير احترق، منزله ومنزلنا وكل منازل جيراننا، باستثناء واحد. المنزل الجميل الذي ربينا أطفالنا فيه، ذهب، وأخيراً انهمرت دموعي.
لم يعد أي مكان آمناً حقاً. قبل بضعة أشهر، ضرب إعصار هيلين الجزء الغربي من ولايتي الجديدة ومدينة آشيفيل، التي اعتبرها الكثيرون ذات يوم ملاذاً مناخياً. بدا شمال غرب المحيط الهادئ آمناً حتى ظهور القبة الحرارية في عام 2021. وبدت هاواي آمنة حتى الحرائق المميتة في «ماوي» في عام 2023.
بالنسبة لأولئك الذين فقدوا كل شيء في الكوارث المناخية، فإنهم أدركوا بالفعل حقيقة الخطر المناخي. ومع ازدياد حرارة الكوكب، ستصبح الكوارث المناخية أكثر تكراراً وشدة. ستكون تكلفة هذه الحرائق هائلة، وستؤثر على صناعة التأمين وسوق الإسكان.
مدى سوء الأمور يعتمد على المدة التي نسمح فيها لصناعة الوقود الأحفوري بالاستمرار في السيطرة على الأمور. شركات النفط والغاز والفحم كانت تعرف منذ نصف قرن أنها تسبب فوضى مناخية، لكن البعض اختار نشر المعلومات المضللة ومنع التحول إلى طاقة أنظف. في عام 2021، رفض العديد من الرؤساء التنفيذيين خلال شهادتهم أمام الكونجرس إنهاء جهودهم لعرقلة العمل المناخي أو تحمل المسؤولية عن تضليلهم.
نحتاج إلى بناء جسور مع الناس من جميع الأطياف السياسية الذين بدأوا في الاستيقاظ وأدركوا الخطر مع تفاقم الفوضى المناخية، على الرغم من أكاذيب بعض القادة «الجمهوريين». لن يتغير شيء حتى يصبح غضبنا قوياً بما يكفي. ولكن بمجرد أن تقبل حقيقة الفقدان، وحقيقة من تسبب فيه واستفاد منه، يأتي الغضب، عارماً كرياح سانتا آنا.
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «نيويورك تايمز»