بالنسبة لحلفاء الولايات المتحدة الأميركية في العالم العربي، تعد عودة الرئيس المنتخب دونالد ترامب إلى البيت الأبيض نقطة تحول مهمة لمسار العلاقات العربية الأميركية، وتعطي تصريحات ترامب مؤشرات على ما ينوي انتهاجه تجاه دولهم. وفي حين أنه توجد أمام ترامب فرص كثيرة لتعديل المسارات، فإن صعوبة الأوضاع وتشابك القضايا تجعل من فرص النجاح الكامل صعبة جداً.
وفي المجمل، فإن ما يؤثر في علاقات الطرفين هو أن الدبلوماسية الأميركية تتسم بعدم الثبات والاستمرارية والوضوح. في العالم العربي السياسة الأميركية متذبذبة ومحيرة في منطقة عادةً ما يُنظر إلى البشر فيها على أنهم عاطفيون ومهيئون لتغيير مواقفهم سريعاً. لذا، فإن مكاسب السياسة الخارجية صعبة التحقيق إذا ما اتسم القائمون عليها بالتعجل وعدم الصبر.
وبالنسبة للارتباطات القائمة في مجال الطاقة والاقتصاد والتجارة الدولية والمجال العسكري والاستراتيجي، لا يلوح في الأفق ما يمكن أن يؤثر في علاقات دول مجلس التعاون والولايات المتحدة، وذلك على ضوء ما يحدث من تغيرات جيوبوليتيكية في حوض الخليج العربي. ورغم ما تكشف حتى الآن من وجود قلق في مواقف عدد من الدول على ضوء ما يحدث في غزة ولبنان، ومن تبادل للضربات بين تل آبيب وطهران، وبسبب اللامنهج الذي اتبع تجاه العديد من القضايا العربية الأخرى، فمن المتوقع أن تسير الأمور مستقبلاً ضمن مسارات أكثر واقعية في ظل ما أعلن عنه الرئيس المنتخب من أسماء ذات ثقل سياسي لتولي حقائب الخارجية والأمن القومي والشؤون المالية. لذا من المرجح رؤية إدارة جديدة ذات قدرات يتم التوصل من خلالها إلى حلول وصفقات ترضي الأطراف كافة ما أمكن.
ومن منظور تحليلي، فإن إدارة يقودها ترامب ستسعى إلى التعاون الأمني مع روسيا وتركيا في سوريا، وسحب ما تبقى من دعم لفصائل مناوئة هناك.
وفي الوقت نفسه، فترامب ليس لديه مخاوف من تعميق العلاقات الوثيقة مع دول عربية لديها قدرات مالية ومعنوية ونفوذ سياسي، إلا أنه من الحكمة الانتظار وعدم إطلاق الأحكام المسبقة حول ما يمكن أن يحدث.
جلب الاتفاق النووي السابق الذي عقدته الولايات المتحدة مع إيران عام 2015 خلافاً داخل الولايات المتحدة. وكان الرئيس ترامب قد وصف ذلك الاتفاق بـ«السيئ». ويبقى أن الملف النووي الإيراني لايزال يراوح مكانه دون وجود حل جذري بسبب تناقض مواقف الطرفين حياله. وخلال السنوات الأربع الماضية التي قضاها «الديمقراطيون» في السلطة لم يسعوا إلى إيجاد حل له، فهل يعاد فتح هذا الملف الشائك من جديد، وفقاً لشروط وصفقات تعقدها إدارة ترامب الجديدة مع إيران؟ وهل الإيرانيون مستعدون لذلك؟ في المجمل يعتقد كثير من المتخصصين المتابعين لسياسة الولايات المتحدة في المنطقة العربية وجوارها الجغرافي أن الرئيس المنتخب سيولي أهميةً ملحوظةً لقضايا المنطقة، سعياً لتحقيق الاستقرار والأمن فيها، خاصة القضية الفلسطينية التي يريد حلها على أساس إحياء مبادرة «حل الدولتين»، وكذلك لبنان وسوريا.
لكن ما يهمنا كثيراً نحن في الخليج العربي هو تحقيق الأمن والسلام والاستقرار، وإبعاد الإقليم عن الصراعات الدولية، وإعادة الهدوء إليه لكي ينتعش الاقتصاد، وتواصل التجارة الدولية تدفقَها عبر مياهه.

*كاتب إماراتي