في شهادة جديدة على ريادة دولة الإمارات العربية المتحدة في قضايا التكنولوجيا المتقدمة، ناقشت صحيفة «هندوستان تايمز» الهندية العريقة تميُّز دولة الإمارات في توظيف الذكاء الاصطناعي لتعزيز عمليات تلقيح السحُب وزيادة مستويات هطول الأمطار، وبصورة ستجعل من حلول الابتكار الإماراتية في الأعوام المقبلة مثالاً يحتذى به حول العالم في قضايا الأمن المائي، ومعالجة ندرة المياه.
والحاصل أن دولة الإمارات المعروفة عالميّاً باستراتيجياتها البيئية الجريئة، بدأت تستفيد، وبصورة مبكرة من تكنولوجيات الذكاء الاصطناعي في تعزيز عمليات تلقيح السحب لزيادة كميات الأمطار التي يمكن الحصول عليها ضمن الموسم الشتوي الواحد، وتعمل كوادرها الوطنية على تطوير الحلول الذكية للتخفيف من آثار ضعف هطول الأمطار، في ظل المناخ الجاف الذي تتميز به المنطقة بأكملها، وبما يسهم في تأمين إمدادات مستدامة من المياه، وبمستويات تتزايد عاماً بعد آخر.
وإيماناً بقيمة البحث العلمي والتكنولوجيا في إحداث التأثير الإيجابي في مجال الأمن المائي، ليس في دولة الإمارات فحسب، بل في دول العالم الأخرى، قدَّمت الإمارات للعالم برنامج الإمارات لبحوث علوم الاستمطار، كمبادرة غير مسبوقة من نوعها، أُطلقت في يناير 2015 تحت رعاية سمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان، نائب رئيس الدولة، نائب رئيس مجلس الوزراء، رئيس ديوان الرئاسة، ويشرف عليها المركز الوطني للأرصاد في أبوظبي. ويقوم هذا البرنامج كل عامين على اختيار المشروعات البحثية العالمية الأكثر تميزاً في مجال الاستمطار، وبما يتصل بمسارات تتعلق بعمليات تحسين ظروف الطقس، والأرصاد الجوية المائية، والنمذجة الجوية والمناخية، وفيزياء السحب، والاستشعار عن بُعد، والتكنولوجيات المناخية، وغيرها، مع تقديم البرنامج لمنح مالية تصل إلى 1.5 مليون دولار لكل مقترح بحثي متميز.
ومن بين ما أشارت إليه صحيفة «هندوستان تايمز»، ما عرضه البرنامج هذا العام من إمكانات متقدمة للذكاء الاصطناعي، والتي يمكن معها إحداث نقلة نوعية في تحسين عمليات تلقيح السحب ورفع مستويات فعاليتها؛ فمثل العديد من الدول المجاورة، تعاني دولة الإمارات من النقص الحاد في المياه، ويمثِّل متوسط هطول الأمطار المنخفض تحدياً كبيراً للتنمية المستدامة والتخطيط الحضري والتصنيع والزراعة، الأمر الذي يبرز أهمية الحلول المبتكرة في الاستمطار تحقيقاً للكميات التي يمكن معها دعم الاحتياجات التنموية للدولة. وسيمكِّن الذكاء الاصطناعي تحديداً من تحليل البيانات المتعلقة بالسحب وبصورة دقيقة، وحساب الأوقات الأكثر ملاءمة لعمليات التلقيح، وهي جميعها توجهات تؤسس للدولة مكانة متقدمة في مجال تلقيح السحب باستخدام الذكاء الاصطناعي، وتجعل الإمارات المعيار العالمي لغيرها من دول العالم في استخدام هذه التكنولوجيات المتطورة.
ويُذكر أن لدولة الإمارات بالفعل إنجازاتٌ بارزة في مجال الاستمطار، فعلى سبيل المثال، يتم استخدام تكنولوجيات النانو في تطوير المواد المستخدَمة في تلقيح السحب، حيث تعدُّ الإمارات اليوم الدولة الوحيدة في العالم التي تستخدم مادتي كلوريد الصوديوم، وثاني أكسيد التيتانيوم كمواد استرطابية في عمليات الاستمطار، وهي مواد حصلت على براءة اختراع من مكتب براءات الاختراع والعلامات التجارية في الولايات المتحدة، وجميع مكوناتها طبيعية وآمنة على الإنسان والبيئة، وبمستويات تتجاوز حتى أكثر اشتراطات السلامة صرامةً في العالم.
إن ما استعرضته الصحيفة الهندية العريقة، والتي يعود تاريخ تأسيسها إلى عام 1924، يبرز الجهودَ التي تبذلها حكومة دولة الإمارات في مجال الاستمطار لتعزيز إمدادات المياه العذبة، انطلاقاً من أهمية الماء كأحد مكونات الأمن الوطني والنمو الاقتصادي، ويبرز توجُّهُ الإمارات إلى تشجيع البحث والتطوير العالمي في هذا المجال الرسالة النبيلة للدولة في مشاركة مخرجاتها المتقدمة مع بقية دول العالم، ويضمن مستقبلًا تسوده مستويات أعلى من التنمية المستدامة لدول العالم كافة.
*صادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية