استفتِح مقالي بما سجّله صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، في حسابه الرسمي على صفحة «إكس» بقول سموه: «كان اللقاء مع أخي الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح في الكويت، أخوياً مثمراً مجسداً روابط الدم والتاريخ والقيم والمصالح المشتركة التي تجمع بلدينا وشعبينا. بحثنا العلاقات الثنائية، وسبل تعزيزها لما فيه تقدّم البلدين وازدهارهما، وتبادلنا وجهات النظر حول تطورات المنطقة، وأهمية بناء السلام فيها لمصلحة جميع شعوبها».
وقد أبرزت زيارةُ صاحب السمو رئيس الدولة الكويت، عمقَ العلاقات الإماراتية الكويتية التاريخية، التي تُعَد نموذجاً للعلاقات الثنائية المبنية على الاحترام المتبادل والمحبة والود والتعاون المشترك. ويحظى التعاون بين البلدين بدعم قيادتيهما، ما يعزز فرص التقدم في مختلف المجالات، بما يخدم شعبي البلدين.
واستعرض القائدان جوانب التعاون المختلفة ومستويات تطورها، خاصة في الاقتصاد والتجارة والاستثمار، وغيرها من مجالات التعاون التي تشهد نمواً مستمراً يعزز الأولويات التنموية ورؤى البلدين الطموحة تجاه مستقبل أكثر ازدهاراً.
وأكد صاحب السمو رئيس الدولة، وصاحب السمو الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح، حرصهما على مواصلة البناء على العلاقات التاريخية المتجذرة التي تجمع البلدين وشعبيهما الشقيقين، وترتكز على أسس متينة من الأواصر الأخوية والاحترام المتبادل والتفاهم والمصالح المشتركة، وتنطلق من إيمانهما بوحدة المصير وأهمية التعاون لمواجهة التحديات التي تشهدها المنطقة. كما تطرق الجانبان إلى أهمية دفع العمل الخليجي المشترك. واستعرضا خلال جلسة المحادثات أهمَّ المستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية، وفي مقدمتها الأوضاع التي يشهدها كل من قطاع غزة ولبنان، مشددَين في هذا السياق على أهمية تكثيف الجهود الدولية لوقف إطلاق النار.
وثمة محور حيوي في علاقات البلدين الشقيقين هو التعاون الأمني والعسكري، إذ يحرصان على التنسيق الأمني والعسكري ضمن منظومة مجلس التعاون الخليجي، التي تزداد تطوراً في مختلف المجالات.
أما فيما يخص العلاقات السياسية والدبلوماسية بين البلدين، فقد تميزت دائماً بالتوافق والتنسيق العالي في الملفات الإقليمية والدولية، إلى جانب التعاون الثقافي والتعليمي.
ومن أهم محاور العلاقات الإماراتية الكويتية محور التعاون الاقتصادي، إذ تشهد العلاقات التجارية والاستثمارية بينهما تطوراً مستمراً، ما يؤكد الشراكة الراسخة بينهما، حيث بلغ حجم التبادل التجاري غير النفطي بين الدولتين في عام 2023 نحو 12.2 مليار دولار بزيادة نسبتها 16% مقارنةً بعام 2021، وتعد الإمارات الشريك التجاري الأول، خليجياً وعربياً، للكويت. وقد وصل عدد الشركات الكويتية المستثمرة في دولة الإمارات 54 شركة، خلال العام 2003، بينما بلغ عدد الشركات الإماراتية المستثمرة في الكويت 133 خلال العام نفسه.
إن عمق العلاقات بين الإمارات والكويت، تترجمه صور صادقة تجلت في تأثر المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، وهو يتفقّد طوابير آلاف الشباب المتطوعين لتحرير الكويت عام 1991.. وصورٌ أخرى صادقة لصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، وهو بلباسه العسكري، خلال مشاركته في حرب تحرير الكويت.
وقد حكى لنا الآباء والأجداد عن العلاقات البحرية بين الإمارات والكويت في الأيام الخوالي، حيث كانت «أبوام» الإمارات، أي السفن الشراعية، تلتقي بـ«أبوام» الكويتيين في البصرة، فيتبادل الأصدقاء من الجانبين السلعَ ويتفقون على مواعيد السفر للسفن المحمّلة بالتمور المتجهة إلى الهند، حيث يلتقون هناك مجدداً، ويتبادلون أخبارَ التعامل بالذهب. وكما كانت السفن الكويتية معروفة بنظامها، فقد تركت هذه الملتقيات رصيداً من الذكريات الطيبة لدى شعبي البلدين.
*سفير سابق