بطموح غير محدود، وبيئة استثمارية جاذبة، وقوانين محفزة للمستثمرين، ومستويات رفيعة من الأمن والاستقرار، تستهدف دولة الإمارات مضاعفة نصيب الاستثمار الأجنبي المباشر في اقتصادها، بالتركيز على القطاعات الصناعية والاتصالات وتقنية المعلومات والخدمات المالية والطاقة المتجددة والمياه والبنية التحتية، لتحقيق التنمية والتنوع الاقتصادي والتطلع نحو المستقبل باقتصاد متنوع ومزدهر. وفي هذا الإطار، أطلقت الدولة «استراتيجية الإمارات للاستثمار 2031»، بعد سلسلة من الإنجازات جعلت الدولة مركزاً استراتيجياً للاستثمار العالمي، لما تمتلكه من عوامل لجذب الاستثمارات والشركات والمواهب، غير أن الدولة راغبة في مضاعفة الجهود لتحقيق إنجازات إيجابية أكبر في مسيرة الإمارات للتنمية والتنافسية، بغية الارتقاء بجودة حياة الإنسان في دولة الإمارات.
ونتيجة لعمل الدولة المضني خلال السنوات الماضية، أضحت الجاذبية الاستثمارية للإمارات تنمو بشكل مطَّرِد، وذلك ما مكنها من استقطاب استثمارات كبيرة، فأصبحت إحدى الوجهات الاستثمارية الأكثر تفضيلاً في العالم. غير أن الطموح لا يتوقف، والتطلع إلى جذب مزيد من الاستثمارات وتحسين البيئة الاستثمارية وتقديم حوافز للمستثمرين، هو مسار عمل الحكومة المستمر لرفع موقعها الاستثماري في بيئة الأعمال الدولية.
وتخطط الإمارات في استراتيجية الاستثمار إلى مضاعفة رصيد الاستثمار الأجنبي المباشر 3 مرات بحلول 2031، ليصل إلى 2.2 تريليون درهم (600 مليار دولار)، بعدما اجتذبت 30.68 مليار دولار من تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر في 2023، بنمو سنوي قدره 35%. وتستهدف الدولة من وراء الاستراتيجية الوطنية للاستثمار 2031، ترسيخ ريادتها كمحور استراتيجي عالمي للاستثمار، بناء على أهداف رؤية «نحن الإمارات 2031» وخططها في تحويل الدولة إلى المركز العالمي للاقتصاد الجديد بتحقيق السبق في قطاعات وصناعات المستقبل، وإعداد جيل من المواهب الإماراتية التي تقود الاقتصاد. إن رفع الجاذبية للاستثمارات الأجنبية في قطاعات متقدمة يحقق توجهات الدولة في استقطاب وتمكين الاستثمارات الجديدة في قطاعات تركز الإمارات عليها في مشروعاتها المستقبلية، عبر رفع مستويات الشفافية وتنافسية الإمارات في جاذبية الاستثمار وفق نهج اقتصادي يعتمد على الاستفادة من عوامل التميز لدى كل إمارة في الدولة، والمنافسة في القطاع الخاص على تسريع الابتكار، والتركيز على البحث والتطوير، ودمج التوجهات العالمية الحديثة مع محركات النمو المحلية، والاستفادة من نجاح الشركات الوطنية في تمهيد الطريق أمام شركات جديدة، لإنشاء اقتصاد يقوده المستثمرون والقطاع الخاص. ووضعت الإمارات العلامة التجارية InvestUAE بمثابة منصة موحدة للترويج للدولة كوجهة استثمارية عالمية، لتعزيز الشراكات الدولية بشفافية، خصوصاً أن السوق الاستثماري في الإمارات يتجاوز النسب العالمية في رصيد الاستثمار الأجنبي المباشر، إذ شهد بين عامي 2013 و2023 زيادة بنسبة 150%، بينما لم تتجاوز النسبة العالمية 97%. كما تصنف البلاد في تقرير «الأونكتاد» كثاني أكبر سوق بعد الولايات المتحدة للاستثمار الأجنبي المباشر عام 2023، نتيجة لاتباع الإمارات سياسات صديقة للمستثمرين.
ونتيجة لانفتاح القيادة الإماراتية الرشيدة على الأفكار الجديدة، خصوصاً في ناحية الابتكار والتكنولوجيا المتقدمة والذكاء الاصطناعي، تنظر الدولة وهي تطلق الاستراتيجيات والمبادرات الوطنية، ومنها الاستراتيجية الوطنية للاستثمار 2031، إلى جوانب البحث والابتكار في قطاعات الدولة المختلفة، واستخدام التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي في الأعمال وتحفيز ريادة الأعمال، وذلك لأنها تجعل الابتكار أولوية وطنية، وترى أن الانتقال إلى المستقبل يمر ببوابة العلوم والتكنولوجيا.
إن مواصلة العمل الحكومي في الإمارات على استراتيجيات مرنة ترفع من مكانة الإمارات كمركز عالمي للأعمال والاستثمار، وتسمح بإمكانية تفادي أي عقبات أمام السياسات التنفيذية، وتركيز استراتيجية الإمارات للاستثمار 2031 على قطاعات المستقبل مثل التكنولوجيا والطاقة المتجددة واللوجستيات والبنية التحتية، إذْ بقدر ما يفيد الدولة اقتصادياً وتكنولوجياً فإنه كذلك يزيد من تحسين بيئة الاستثمار والأعمال، بما يمكن من خلق فرص عمل جديدة للمواطنين والمقيمين، وتحقيق التنمية المستدامة، خصوصاً في حال التركيز على القطاعات الصديقة للبيئة في الاستثمار.
*باحث رئيسي - رئيسة قسم الدراسات الاقتصادية - مركز تريندز للبحوث والاستشارات.