في إطار رؤية القيادة الرشيدة التي تستهدف تعزيز التنمية المستدامة وتكريس مكانة الإمارات كدولة رائدة على الساحتين الإقليمية والدولية، شهدت أبوظبي خلال الأسبوع الماضي انعقاد الاجتماعات السنوية للحكومة 2024، بمشاركة واسعة من القيادات الحكومية والمسؤولين الاتحاديين والمحليين، وهو الحدث الذي يعقد بشكل دوري ليسلط الضوء على الأهداف الاستراتيجية التي تسعى الإمارات لتحقيقها خلال الأعوام المقبلة.

وتشكل المخرجات النوعية للاجتماعات السنوية 2024 نقطة انطلاقة استراتيجية لتسريع الجهود الهادفة لتحقيق إنجازات أكبر على نحو ينعكس إيجاباً لجهة تعزيز مسيرة التنمية وتعزيز التنافسية العالمية لدولة الإمارات والارتقاء بجودة حياة شعبها. وترسم الاستراتيجيات والمشاريع التي تم إطلاقها، والقرارات والرؤى التي تمت مناقشتها، خريطة عمل وطنية لاستكمال مسيرة البناء والتطوير. وقد اكتسبت الدورة الحالية من هذه الاجتماعات أهمية كبيرة على طريق استكمال مسيرة التنمية وفق رؤية «نحن الإمارات 2031»، وصولاً لمستهدفات «رؤية الإمارات 2071»، عبر مواصلة العمل ضمن خطط محدثة لترسيخ الجهود للعمل بروح الفريق، وفق ثقافة مؤسسية تقوم على الاستباقية والمرونة والتكامل على المستويين الاتحادي والمحلي.

كما تميزت هذه الاجتماعات بحوارات تفاعلية نجحت في صياغة حزمة من المخرجات النوعية، التي تسهم في استمرار المسيرة التنموية الشاملة لدولة الإمارات. وفي ظل الاهتمام الكبير بموضوع الأسرة المواطنة، حرص صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، على حضور جلسة خاصة تناولت أهمية تكوين أسرة متماسكة ومستقرة، حيث أكد سموه أن بناء الأسرة ليس مسؤولية فردية فحسب، بل هو مسؤولية وطنية يتشارك فيها الأفراد والمجتمع والمؤسسات، بهدف خلق بيئة داعمة تحقق استقرار الأسر وتعزز مساهمتها في بناء المجتمع.

وخلال هذه الجلسة، تمت مناقشة عدد من قيادات القطاعات الاجتماعية والتعليمية والصحية، فضلًا عن أبرز التحديات التي تواجه الأسرة المواطنة، وأهمية تعزيز مقومات نموها وتمكينها من الاندماج الإيجابي في المجتمع. وقد كان التركيز كبيراً خلال هذه الدورة من الاجتماعات السنوية لحكومة الإمارات على دعم التكامل بين العمل الحكومي الاتحادي والمحلي ودعم بيئة الاستثمار، حيث تم إطلاق «الاستراتيجية الوطنية للاستثمار 2031»، والتي تمثل خطوة رئيسية لتعزيز مكانة الإمارات كوجهة استثمارية عالمية، وتستهدف رفع نسبة الاستثمارات الأجنبية المباشرة في الدولة من 15% إلى 30% بحلول عام 2031، كما شملت المخرجات في هذا السياق إطلاق صندوق «ريادة» لدعم دور الشركات الناشئة وخلق بيئة اقتصادية قادرة بشكل أكبر على مواكبة الابتكارات والتحديات. وانعكاساً لتطلعات دولة الإمارات لتوسيع نطاق أبحاثها العلمية في مجالات غير تقليدية، تم الإعلان عن انضمام الدولة إلى نادي الدول المهتمة بالأبحاث القطبية، من خلال إطلاق مشروع علمي للأبحاث القطبية، ويمثل هذا الاتجاه تحولاً نوعياً في استراتيجيات الدولة العلمية، ويعكس حرص الإمارات على تأدية دور ريادي عالمي في مجالات العلوم والبحوث المختلفة.

ولم تغفل الاجتماعات السنوية لحكومة الإمارات الاهتمام بقضية الهوية الوطنية، التي تحظى بأهمية مركزية في الأجندة الوطنية لدولة الإمارات، حيث تمت مناقشة أهم التحديات التي تواجه الهوية الوطنية في ظل العصر الرقمي، وضرورات ترسيخها من خلال تعزيز وعي الشباب بأصولهم وتراثهم.

ومن اللافت للنظر إطلاق الاجتماعات السنوية لحكومة الإمارات 2024 حزمة مبادرات مجتمعية بقيمة نصف مليار درهم، تشمل مشاريع نوعية تستهدف كبار المواطنين والشباب والنساء والأطفال، ما يعكس الحرص الشديد للقيادة الرشيدة على تعزيز عملية التنمية الاجتماعية على نحو يواكب التغيرات العميقة التي يشهدها المجتمع في ظل ما يشهده من تطورات اقتصادية وتكنولوجية متسارعة.

إن الاجتماعات السنوية لحكومة دولة الإمارات لعام 2024 تمثل خطوة استراتيجية مهمة نحو تحقيق الرؤى المستقبلية لدولة الإمارات، وهذه الاجتماعات ليست مجرد حدث سنوي، بل هي محطة تقييم وتخطيط تأخذ بعين الاعتبار التغيرات العالمية وتحدد المسارات التي من شأنها أن تعزز جودة الحياة وتسهم في ازدهار المجتمع، وفي الوقت نفسه تدعم المكانة الريادية للإمارات في المنطقة والعالم، وتؤكد على دورها كقوة بارزة تسعى لتحقيق رفاهية شعبها وتعزيز استقرارها الاقتصادي والاجتماعي. 

*صادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.