إن كنت تريد تحويل سياسة المناخ إلى حرب ثقافية مريرة، فلا يوجد سوى عدد قليل من الأسلحة الأكثر فعالية من وجبة برجر. من ناحية، سيشير دعاة حماية البيئة إلى أن الماشية التي نربيها تسبب تلوثاً من الغازات الدفيئة بقدر ما تسببه جميع السيارات والشاحنات والسفن والطائرات في العالم. وفي حين أن هذه الإحصائية محل جدال كبير، فإنها دقيقة إلى حد ما: فبفضل حقيقة أن تربية الماشية تنتج غاز الميثان، وهو أحد غازات الدفيئة، فإن كل قطاع يتسبب في انبعاثات مكافئة لحوالي 7 مليارات طن من ثاني أكسيد الكربون سنوياً.

ومن ناحية أخرى، سيصفك عشاق اللحوم بالشخص المفسد للمتعة، ويحذرون من أنك لن تكسب أصدقاء بتناول السلطات. ولكن هناك نقطة يتفق عليها كلا الطرفين: مع ارتفاع الدخول التي تسمح للناس بشراء المزيد منها، فإن تناول لحوم البقر أصبح عادة لا تقاوم إلا بتغيرات سلوكية جذرية بشكل غير معقول. ومع ذلك، كلاهما مخطئ في هذا الشأن. كما جادلنا في الماضي، فإن العالم يقترب بسرعة من ذروة استهلاك لحوم البقر. من الممكن أن تكون بصمة الكربون التي يتركها قطيع الماشية العالمي قد بدأت بالفعل في التراجع. هذا ما تشير إليه بيانات وزارة الزراعة الأميركية.

فقد تم تلبية أكثر من 90% من الطلب العالمي الإضافي على اللحوم على مدى السنوات الـ 15 الماضية من خلال منتجات ذات انبعاثات كربونية أقل. وزاد استهلاك الدجاج بنسبة 35%، أو 27 مليون طن متري، بين عام 2010 وتوقعات الوكالة للطلب في عام 2025، لكن زاد استهلاك اللحوم الحمراء، التي تحمل عبئاً ميثانياً كبيراً بسبب الغازات التي تُطلق من معدة الحيوانات المجترة، بواقع 3.6 مليون طن أو 6.3% فقط. إن مثل هذه الأرقام ملحوظة بشكل خاص عندما نأخذ في الاعتبار أن عدد سكان العالم زاد بنحو 15% بين عامي 2010 و2023، وأن الاقتصاد العالمي أصبح أكبر بنحو 43%، بعد تعديل التضخم. ولم تزد شهيتنا للبرجر ولحم البقر واللحم المفروم بنفس المعدل. وهذا يشير إلى أن القيود المفروضة على إنتاج لحوم البقر ليست في شهيتنا أو محافظنا، بل في القيود الجوهرية التي تتعلق بتوافر الموارد. ونفس العامل الذي يقلق دعاة حماية البيئة بشأن لحوم البقر قدرتها الشرهة على استهلاك الأراضي والمياه والمحاصيل العلفية وميزانية الكربون على كوكب الأرض يفرض قيوداً على قدرة الإمدادات على النمو. وقد لا يحتاج رواد المطاعم إلى الامتناع عن اللحوم الحمراء على الإطلاق، عندما يكون توافر الأسماك والدجاج والخيارات النباتية الأرخص كافياً لإحداث تحول غير محسوس بعيداً عنها.

وفقاً لأرقام وزارة الزراعة الأميركية، فإن هذه العوامل قد تتسبب بالفعل في انخفاض القطيع العالمي. من ذروة تجاوزت مليار رأس من الماشية في منتصف العقد الأول من القرن 21، سينخفض العدد مع بداية العام المقبل إلى 923 مليون رأس، وهو أدنى مستوى قياسي يتم تسجيله. قد يبدو ذلك غير متوافق مع عالم لا يزال فيه الطلب على اللحوم الحمراء في ازدياد، لكنه في الواقع ليس كذلك. في البلدان المكتظة، تقضي الحيوانات جزءً كبيراً من حياتها في حظائر التسمين المكثفة، حيث يتم تغذيتها بحصص غذائية تعتمد على الحبوب للوصول إلى وزن الذبح في 18 شهراً أو أقل.

هذا أكثر إنتاجية بكثير من ترك الماشية التي تتغذى على العشب تعيش شبه برية في المراعي. في البرازيل، يمكن للحيوانات أن تعيش لمدة ثلاث سنوات أو أكثر قبل أن يتم ذبحها في أماكن أخرى. تتمتع مناطق واسعة من أفريقيا جنوب الصحراء بثقافة الرعي وتربية المواشي، مثل الأمريكتين وأوقيانوسيا، وهي مختلفة ثم مع تكثيف مناطق الإنتاج الرئيسية مثل البرازيل والولايات المتحدة والصين لعمليات إنتاج لحوم البقر والتركيز على السلالات التي تنمو بشكل أسرع، فإننا نستخرج المزيد من لحوم البقر من قطيع أصغر. هذا التكثيف يعني أن المراعي تغطي بالفعل مساحة أقل من أي وقت مضى منذ سبعينيات القرن العشرين. من حيث رفاهة الحيوان، لا يعد هذا خبراً رائعاً ولكن من منظور المناخ، فمن المؤكد تقريباً أنه تحسن. هناك سبب رئيسي للشك في هذه القصة المتفائلة: «إن إحصاء عدد الأبقار المنتشرة عبر المراعي الشاسعة هو عمل غير دقيق، لذا فمن الممكن أن تكون أرقام وزارة الزراعة الأميركية خاطئة». وتقدر منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة «الفاو» أعداد قطعان الماشية بتقدير أعلى بكثير، ولا تزال في تزايد 1.55 مليار رأس، على النقيض من تقديرات وزارة الزراعة الأميركية التي تبلغ 923 مليون رأس.

ويبدو أن هذا يرجع إلى حد كبير إلى الاختلافات في مناطق مثل أفريقيا وغرب ووسط آسيا الأقل ارتباطاً بطرق التجارة العالمية، حيث قد تكون عملية جمع البيانات التي تقوم بها وزارة الزراعة الأميركية الموجهة نحو السوق أضعف من تلك التي تقوم بها منظمة الأغذية والزراعة. وتتفق الهيئتان على أن قطعان الماشية توقفت إلى حد كبير عن النمو في معظم أنحاء العالم. قد يفضل المتشائمون والمشككون في المناخ الرواية القاتمة التي تقول، إننا لا نستطيع السيطرة على انبعاثاتنا، ولكن، كما هو الحال في الصناعة والزراعة، هناك أدلة على التقدم من حولنا.

ديفيد فيكلينج*

*كاتب متخصص في قضايا التغير المناخي والطاقة.

ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست لايسنج آند سينديكيسن»