ندرك جميعُنا اليوم بأن للذكاء الاصطناعي الدورَ الإيجابي والمُثمرَ في الكثير من ميادين الحياة، وأنه المُساعد والمُعاون في العمل والدراسة وخلق الإنجاز الفكري والمعرفي، وأنه وُلد كأحد مُخرجات الثورة الصناعية الرابعة، ومن هنا يأتي الاعتماد عليه في مختلف المجالات، التقنية والعسكرية والتعليمية والاستثمارية، علاوة على الخدمات الطبيّة، التشخيصية والعلاجية. 
وبلا شك، فإن دولة الإمارات واحدة من الدول السبّاقة في مضمار التنافسية والاستشراف المستقبلي، لذا فهي تقوم بتجسيد طموحاتها في إدخال الذكاء الاصطناعي واستثماره بشكلٍ خلّاق في كافة القطاعات الحيوية.
وفي هذا الشأن، اهتمت دولة الإمارات بتوظيف الذكاء الاصطناعي في المجالات التجارية والاستثمارية والسياحية، واعتنت بتعزيز الاقتصاد الوطني من خلال المضي قدماً في تحقيق استراتيجية التحول الرقمي، وهو ما تجلى في إطلاقها «استراتيجية الإمارات للذكاء الاصطناعي 2031»، والتي تم الإعلان عنها في عام 2017 كاستراتيجية وطنية في هذا المجال. وتهدف هذه الاستراتيجية إلى تقليل الاعتماد على النفط، وتنويع الهيكل القطاعي للاقتصاد الوطني، وتطوير العمليات الإنتاجية في كافة المجالات وإضفاء الطابع الابتكاري عليها.
ومن الواضح أنّ استخدام الذكاء الاصطناعي يساهم في تعزيز العمل الابتكاري وتنويع مصادر الدخل وزيادة القدرة على التحكّم المالي بشكلٍ مرن.. لأنه يرفع من جودة المُنتج، ويُقلل الفاقدَ، ويقلص الإنفاق.
وعلى هذا النحو، تأتي سياسات الاستدامة في دولة الإمارات على رأس الأهداف التي تحققت في السنوات الأخيرة، وقادت اقتصاد الدولة إلى تحسين الكفاءة التشغيلية في مختلف قطاعاته، لوجستياً وتنظيمياً وتكنولوجياً.. إلخ، وذلك بوساطة استخدام الذكاء الاصطناعي في تحليل البيانات، إذ استطاع الذكاء الاصطناعي أن يُصافح الاستدامةَ، بتعاملهِ مع المدن الذكية، والتي تعمل اليوم باعتماد مُتبادل بين الطرفين للتطوير، بدءاً من إدارة الطاقة والمياه والنقل العام، وصولاً إلى عمليات تحسين البنُية التحتية في مختلف إمارات الدولة.
وبرهنت سياسات الاستدامة على أهميتها العالية، لما لها من شأن استثماري في مجالات التكنولوجيا والرقمنة والأتمتة، كما أصبحت الاستدامة صديقة مُخلصة للطاقة المتجددة. والمِثال الأمثل هُو «مجمّع محمد بن راشد للطاقة الشمسية» في إمارة دبي، المشروع الذي يعمل على تطوير توليد الطاقة الشمسة ويهدف إلى إنتاج 5,000 ميغاواط من الطاقة النظيفة في عام 2030.
وعلى ضوء تلك الخيارات والسياسات، استطاعت الإمارات أن تتصدّر بنسبة 86% نسبةَ الرضا عن النقل العام ضمن هدف «مدن ومجتمعات محلية مُستدامة 2023» في التقرير الصادر عن «المركز الاتحادي للتنافسية والإحصاء».
والسؤال الذي يطرح نفسَه اليوم: هل يُمكن للإنسان أن يتعامل مع الذكاء الاصطناعي، ويستغني عن البشر في التعامل المستقبلي في القطاعات الخدمية والإنتاجية؟! بعض الدراسات تُشير إلى أنّ إنسان العصر الراهن يُحبذ التعاملَ مع الذكاء الاصطناعي في الأمور المتعلقة بالأموال والاقتصاد والاستثمارات والتجارة، لأنه يخلو من العاطفة ويُبرمَج على العمل العقلاني، لذا فهو يتميز بمهنية عالية مما يُبعده عن القرارات المُتحيزة.
وأخيراً، يجب أن نؤكد أنّ الذكاء الاصطناعي اليوم له دور فعّال في دراسة السياسات الدولية واستخراج الأرقام والإحصائيات التي تنبثق من مبادرات واستراتيجيات الحوكمة. وهو يُتقن استخدام بيانات المنشآت الصحية في العلاج، وهذا يؤدي إلى المعرفة الدقيقة لأنواع العلاجات الملائمة للمرضى، وأيضاً يرفع نسبة الشفاء والوقاية المُبكرة.
خلاصة القول: إن دولة الإمارات أضحت نموذجاً في مجال التجسيد الدائم لسياسات الاستدامة مدعومةً بالذكاء الاصطناعي في مختلف ميادينِ الإنجاز والعمل المستقبلي.. لذا فإننا حقاً نفخر بدولتنا.

*كاتبة إماراتية