الأسبوع المقبل، قد نعرف نتيجة الانتخابات الرئاسية الأميركية التي ستُجرى في الخامس من نوفمبر الجاري، وقد لا نعرف. فمنذ 29 أكتوبر المنصرم، تتفق العديد من استطلاعات الرأي، في حساباتها وتوقعاتها، على أن السباق متكافئ عموماً، وذلك استناداً إلى العينات التي حللتها، لا سيما في الولايات الرئيسية الحاسمة. ويرى المنتقدون أنه نظراً لصعوبة أخذ العينة المناسبة من ملايين الناخبين الجدد، ومعظمهم من الشباب الذين لا يستخدمون الهواتف الأرضية ويحصلون على معظم معلوماتهم الانتخابية من وسائل التواصل الاجتماعي، وخاصة «تيك توك»، فإن استطلاعات الرأي الرسمية قد تكون مخطئة جداً.
لهذا، إذا كانت استطلاعات الرأي تشير إلى سباق متقارب، فإن احتمالات أخرى قد تغير المشهد. وإذا فشلت استطلاعات الرأي في عكس أصوات الشباب، فإن النتائج قد تكون مختلفة للغاية. لكن، هل من الممكن أن تفوز هاريس أو ترامب بأغلبية ساحقة وتضع (أو يضع) حداً للمخاوف من عملية طويلة يطعن خلالها كلا الطرفين في آلاف الأصوات التي تم الإدلاء بها في آلاف المقاطعات؟ هذه النتيجة ستكون الأفضل، لأن من شأن فوز واضح لأحد المرشحين أن يقلل من احتمالية الطعون القانونية التي لا نهاية لها وأن يحد من احتمالات العنف.
«الديمقراطيون» يأملون أن تكون ميزة هاريس الكبرى هي أصوات النساء، وخاصة الشابات اللاتي لديهن حافز كبير للتصويت لصالح المرشحة «الديمقراطية»، نظراً لدعمها القوي قضايا صحة المرأة ورفضها للرسائل «المثيرة للانقسام والمعادية للنساء» الصادرة عن حملة ترامب. أما «الجمهوريون»، فيعتقدون أن أصواتهم الخفية ستكون من أنصار ترامب من الشباب المؤيدين له بشدة، بمن فيهم الناخبون المنحدرون من بلدان أميركا اللاتينية والسود المنجذبون إلى رسائله الذكورية والمستاؤون من فكرة تولي امرأة الرئاسةَ بغض النظر عن عرقها.
وإذا ظهرت دلائل على أن «الناخبين الخفيين» كانوا عاملاً مؤثراً، فإن ذلك قد يؤدي إلى فوز واضح في وقت ما يوم الخامس من نوفمبر. أما إذا فازت هاريس في النتائج الأولية في ولايتي جورجيا وكارولينا الشمالية، فإن احتمالات فوزها في الانتخابات ستكون جيدة. وكذلك الحال إذا ما حقق ترامب انتصاراً مبكراً في هاتين الولايتين. غير أنه في كلتا الحالتين، إذا لم يحقق أحد الطرفين فوزاً كاسحاً، فإن النتيجة النهائية قد تعتمد مرة أخرى على عملية الفرز النهائي في ولاية بنسلفانيا بأصواتها الانتخابية الـ19.
ووفقاً لقوانين التصويت الحالية في ولاية بنسلفانيا، فإنه لا يمكن فرز بطاقات الاقتراع المبكر، سواء تلك التي تم إرسالها بالبريد أو تلك التي تم تقديمها شخصياً، إلا بعد أن تغلق جميع صناديق الاقتراع يوم الخامس من نوفمبر في الساعة الثامنة مساءً. والجدير بالذكر هنا أنه في انتخابات عام 2020، كان لدى ترامب تقدّم مبكر في الأصوات التي تم الإدلاء بها يوم الاقتراع، غير أنه خلال الثلاثة أيام التالية، منحت عمليةُ فرز الأصوات التي تم إرسالها عبر البريد جو بايدن الأرقامَ التي مكّنته من الفوز بالولاية ومن ثم بالرئاسة. والواقع أن السيناريو نفسه يمكن أن يتكرر هذا العام، إلا أن «الجمهوريين» الذين صوّتوا مبكراً أكثر عدداً من عام 2020، وهذه الأصوات قد تكون مقسّمة بشكل أكثر تساو بالنظر إلى تقارب الأصوات.
والواقع أن السباقات المتقاربة في الولايات الرئيسية الحاسمة ستعني دائماً تدقيقاً أكبر على أيدي فِرق المتخصصين من كلا الحزبين، وستعني إعادة فرز الأصوات وقضايا قانونية.. وقد يستغرق البت في النتائج النهائية أكثر من ثلاثة أيام.
ويتذكر بعضُنا النتائجَ المطوّلة لسباق عام 2000 بين آل غور وجورج دبليو بوش، حيث ظلت النتيجة الحاسمة معلّقةً بفلوريدا. وإعادة فرز الأصوات جرت في وقت تابع فيه الجميع على شاشات التلفاز العمليةَ التي استغرقت وقتاً طويلا نظراً لأن العديد من بطاقات الاقتراع كانت تالفةً وكان لا بد من التدقيق فيها من قبل فِرق المحامين. وفي نهاية المطاف، أُحيلت العمليةُ على المحاكم. وفي قرار اتخذ بأغلبية 5 أصوات مقابل 4، أمرت المحكمة بوقف إعادة فرز الأصوات، وفاز بوش بالرئاسة بفارق يزيد على 500 صوت بقليل. والأكيد أن لا أحد يرغب في رؤية سيناريو مماثل هذا العام. لكن الخوف هو من أن يؤدي قرار مثير للجدل إلى زيادة الاستقطاب في البلاد مع ما ينطوي عليه ذلك من إمكانية اندلاع أعمال عنف.
*مدير البرامج الاستراتيجية بمركز ناشيونال إنترست - واشنطن