اكتُشف الجرافين، الذي يدخل في صناعات متعددة مثل الإلكترونيات، والطب، والطيران، عام 2004، وهو مادة فائقة الرقة مكونة من ذرات الكربون، وتتميز بقدرتها الفائقة على التوصيل الكهربائي، والمتانة، والمرونة. وبرغم أن إنتاج الجرافين على نطاق واسع لا يزال يمثل تحدياً، فإن البحث المستمر يكشف عن دور متزايد له في تخزين الطاقة، والتقنيات الذكية، وأجهزة الاستشعار المتقدمة.
ويؤدي الجرافين دوراً محوريّاً في تطوير صناعة أشباه الموصلات، بفضل قدرته على توصيل أسرع للإلكترونات مقارنة بالسيليكون، ودوره في إنتاج ترانزستورات أصغر وأسرع وأكثر كفاءة في استهلاك الطاقة، ما يعزز الشرائح المستخدمة في الهواتف الذكية، والحوسبة الكمية، والذكاء الاصطناعي. كما تدعم مرونة الجرافين تطبيقات جديدة في الأجهزة القابلة للارتداء، والإلكترونيات القابلة للطي.
ومع تطور صناعة أشباه الموصلات نحو مواد تتجاوز السيليكون، يُعد الجرافين مرشحاً بارزاً للتغلب على تحديات التصغير والتبديد الحراري، ويُتوقع أن يؤدي إدماجه إلى تطوير أجهزة تتمتع ببطاريات تدوم أطول، وذات أداء أعلى، وأثر بيئي أقل، ما يلبي الطلب المتزايد على الذكاء الاصطناعي، ومراكز البيانات، والبنية التحتية الذكية.
وتسعى دولة الإمارات العربية المتحدة إلى أن تكون رائدة عالميّاً في صناعة أشباه الموصلات، بما يتماشى مع أهدافها للتنوع الاقتصادي وفق رؤية الإمارات 2030، إذ تحرص على الاستثمار في البحوث المتقدمة والتقنيات الحديثة، وبناء منظومة متكاملة لصناعة أشباه الموصلات، في حين تعكف جامعات محلية بالتعاون مع مراكز بحثية عالمية على تطوير حلول قائمة على الجرافين، لتعزيز قدرة دولة الإمارات على المنافسة في هذا المجال.
وتجسّد جهود دولة الإمارات الرامية إلى إدماج الجرافين في صناعة أشباه الموصلات استراتيجيتها للابتكار المستدام، وتعزيز مرونتها الاقتصادية، إذ تربط بحوث الجرافين بأهدافها الصناعية والتكنولوجية الأوسع نطاقاً، ما يمهد الطريق إلى تحوُّلها مركزاً عالميّاً للصناعات المتقدمة. وتسهم أشباه الموصلات القائمة على الجرافين في دعم مبادرات المدن الذكية والطاقة المتجددة، وتطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي، وإنترنت الأشياء، والمركبات الذاتية القيادة. ويُعزز هذا التوجه الانتقال من اقتصاد يعتمد على النفط إلى اقتصاد متنوع قائم على المعرفة.
وبفضل قدرات الجرافين على معالجة تحديات الكفاءة الحرارية، وتقليل استهلاك الطاقة، وتصغير حجم الدوائر الإلكترونية، تملك دولة الإمارات مزيَّة تنافسية في إنتاج رقائق متقدمة للأسواق العالمية. وإضافة إلى ذلك يُعزز الاستثمار في المؤسسات البحثية والشراكات مع مراكز بحوث عالمية، قدرات الابتكار المستمر في دولة الإمارات. وتسهم هذه الجهود في استقطاب المواهب العالمية، ودعم الشركات الناشئة المحلية، وتعزيز نقل التكنولوجيا، ما يُعزز مكانة الدولة في سلاسل التوريد العالمية. 
ومع اقتراب تحقيق اختراق في تصنيع الجرافين بمستويات تجارية، تضمن دولة الإمارات باستثماراتها الاستباقية دورها الريادي في مستقبل صناعة أشباه الموصلات، ويتماشى طموح الدولة هذا مع رؤيتها الوطنية لتحقيق الاستدامة، والتحول الرقمي، وتعزيز التنافسية العالمية، ما يُرسخ مكانتها بصفتها لاعباً رئيسيّاً في تطوير المواد المتقدمة والتقنيات المستقبلية.
*عميد البحوث في الجامعة البريطانية بدبي