أعلن الجيش الإسرائيلي، فجر أول أمس السبت (26 أكتوبر 2024)، عن تنفيذ عملية «أيام الحساب» في الرد على إيران، وأنه هاجم منظومات صواريخ أرض-جو وقدرات جوية أخرى كانت تهدف لتقييد حرية العمل الجوي الإسرائيلي في إيران، وأن الضربات التي نفّذها طالت نحو عشرين هدفاً عسكرياً إيرانياً، دون المساس بالمنشآت النووية أو النفطية أو مقرات قيادة الحرس الثوري.
وذكرت وسائل إعلام إسرائيلية أن الهجوم استهدف قاعدة «بارشين» العسكرية السرية في جنوب شرقي طهران، بالإضافة إلى نظام الدفاع الجوي «إس-300» الخاص بمطار الخميني الدولي، و3 قواعد صاروخية أخرى تابعة للحرس الثوري الإيراني. وقال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي: «إذا ارتكبت إيران خطأ البدء في جولة جديدة من التصعيد فسوف نكون ملزمين بالرد».
ورغم أن إيران وصفت الهجوم الإسرائيلي بأنه كان محدوداً، فإن السؤال المثار حالياً هو: هل تجر الضربةُ الإسرائيلية إيرانَ إلى رد فعل مضاد قد يجر المنطقة نحو حرب إقليمية؟توالت الإدانات من الدول العربية والإسلامية للهجوم الإسرائيلي واعتبرته انتهاكاً لسيادة إيران وتهديداً للاستقرار في المنطقة، فيما علق الرئيس الأميركي جو بايدن على الهجوم ضد إيران قائلاً: «آمل أن تكون هذه هي النهاية».
وتشير تقارير إلى أن الإدارة الأميركية لعبت دوراً حاسماً في تقليص نطاق الهجوم الإسرائيلي وتجنيب ضرب المواقع النووية ومرافق إنتاج النفط ضِمن الرد الإسرائيلي على وابل الصواريخ الباليستية الإيرانية التي استهدفت إسرائيل مطلع شهر أكتوبر الجاري. ومن الواضح أن الضربة الإسرائيلية لإيران كانت محدودة، وأن إسرائيل لا ترغب في تصعيد أكبر، وربما تريد إغلاق ملف الضربات المتبادلة. وكشف موقع «أكسيوس» الأميركي أن إسرائيل أبلغت إيران قبل الهجمات بالأهداف التي سيتم ضربها، وحذّرتها من الرد، وهو ما يؤكد أنها لا تريد التصعيد على الأقل في ظل انشغالها حالياً بالجبهات المشتعلة في كل من غزة ولبنان. وقال الجيش الإسرائيلي، في بيان: «نحن نركز على أهداف حربنا في قطاع غزة ولبنان، وإيران هي التي تواصل الدفع نحو تصعيد إقليمي أوسع».
وكانت إيران قد شنت أول هجوم مباشر على إسرائيل، بنحو 300 صاروخ وطائرة بلا طيار، في أبريل الماضي، رداً على غارة جوية إسرائيلية على مجمع للسفارة إيرانية في سوريا، قتل خلالها عدد من كبار قادة الحرس الثوري الإيراني. وردت إسرائيل بضربة «محدودة» على نظام دفاع صاروخي في منطقة أصفهان الإيرانية.
وفي يوليو اغتيل إسماعيل هنية جراء انفجار في طهران، وألقت إيران باللوم على إسرائيل. ثم قامت إسرائيل باغتيال حسن نصر الله، زعيم «حزب الله» اللبناني، حليف إيران، ومعه العميد الإيراني عباس نيلفوروشان، في غارة جوية على الضاحية الجنوبية لبيروت. وفي مطلع أكتوبر ردت طهران بإطلاق 200 صاروخ باليستي على إسرائيل، في عملية سمتها «الوعد الصادق 2»، وقالت إنها جاءت رداً على مقتل هنية ونصر الله ونيلفوروشان.
ورغم ذلك، فلا الولايات المتحدة ولا إسرائيل، ولا حتى إيران أيضاً، تريد حرباً واسعة في الشرق الأوسط. ولعل إشعار إسرائيل لإيران عبر الوسطاء بموعد الضربة دليل على رغبتها، ومعها الولايات المتحدة، في تنفيذ ضربة انتقامية محدودة ضد منظومة الصواريخ التي استخدمتها إيران ضدها.
وربما تمثل مسارعةُ إيران إلى الإعلان بأن الضربة الإسرائيلية كانت «محدودة»، مخرجاً لإنهاء دائرة الانتقام المتبادل، خاصة وأن العالَم بانتظار نتائج الانتخابات الأميركية في الخامس من نوفمبر المقبل، وأن اندلاع حرب شاملة لا يصب في مصلحة أي طرف من الأطراف.
* كاتبة إماراتية