تكثيفاً للمبادرات النوعية التي تسهم في رفع مستوى التطور المعرفي في العالم العربي، وتكريساً لدور دولة الإمارات فاعلاً رئيساً في التنمية الإنسانية العربية، تشهد دبي اليوم تتويج الفائز في الدورة الثامنة من، الذي يعد إحدى المبادرات الفكرية الملهمة التي تعكس رؤية صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، في تمكين الأجيال الجديدة من امتلاك ناصية العلوم وصون لغة الضاد.
وفي هذا الصدد، يقول صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، إن «تحدي القراءة العربي برهن على جدارة أجيالنا الجديدة بحمل شعلة الحضارة عبر لغتنا العربية الخالدة»، ويضيف سموه: «تحدي القراءة العربي في عامه الثامن: 28 مليون طالب من 229 ألف مدرسة في خمسين دولة. فخورٌ بجيل عربي عاد للقراءة، متفائلٌ بجيل سلاحُه للمستقبل هو العلم والمعرفة والأمل».
وتمثل هذه الفعالية الثقافية المهمة، التي أُطلقت دورتُها الأولى عام 2015، أحدَ النماذج البارزة للإسهام الفعال لدولة الإمارات في بناء ورعاية ودعم كل جوانب التنمية والتطور في العالم العربي، بما يضيف في النهاية إلى قوته واستقراره وقدرته على مواجهة التحديات، فالمشاركة مفتوحة أمام مشاركين من العالم العربي بأسره، انطلاقاً من الإيمان بما يربط دولَه من وشائج متينة، وبضرورة تنمية الشعور العربي بوصفه واحداً من عناصر القوة التي يمتلكها العرب، حيث يحتل هدف «تعزيز الحس الوطني والشعور بالانتماء لمستقبل مشترك» مكاناً متقدماً ضمن أهداف المبادرة.
وقد اختار «تحدي القراءة العربي» التركيز على الطلاب في مرحلة التشكل، من الصف الأول الابتدائي إلى الصف الثاني عشر. وهذا الاختيار الذي يضع المستقبلَ نصب عينيه، أضحى أحد الثوابت الراسخة في الرؤية الإماراتية، وركناً رئيساً في ملحمة النجاح التي تتوالى فصولُها.
وفي ما يعكس حجم الإنجاز، فقد بلغ إجمالي المشاركين في ثماني دورات 131 مليون طالب وطالبة من الدول العربية وأبناء الجاليات العربية حول العالم ومتعلمي اللغة العربية من الناطقين بغيرها، وبلغ عدد المشرفين المشاركين في دورات التحدي أكثر من 716 ألف مشرف ومشرفة، في حين سجلت المدارس في الدول العربية أكثر من 795 ألف مشاركة في ثماني دورات.
ويصل إجمالي جوائز تحدي القراءة العربي التكريمية والتشجيعية إلى 11 مليون درهم، حيث سينال الطالب الفائز بلقب بطل التحدي جائزة قيمتها 500 ألف درهم، وينال صاحب المركز الثاني 100 ألف، والثالث 70 ألفاً، في حين تنال المدرسة الفائزة بلقب «المدرسة المتميزة» مليون درهم، وصاحبة المركز الثاني 500 ألف، وصاحبة المركز الثالث 300 ألف. كما يحصل المشرف الفائز بلقب «المشرف المتميز» على 300 ألف درهم، وصاحب المركز الثاني على 100 ألف، والمركز الثالث على 50 ألفاً. وينال الفائز بلقب بطل تحدي القراءة العربي في فئة أصحاب الهمم جائزة قدرها 200 ألف درهم، والثاني 100 ألف، والثالث 50 ألفاً.
إن بناء عادة القراءة لدى أطفال ويافعين عرب في مرحلة مبكرة من أعمارهم، على النحو الذي يفعله «التحدي»، يمثل طريقاً ممهدةً نحو وضع الأسس الوطيدة للمعرفة، فكل معرفة إنما تنطلق في جزء كبير منها من القراءة، وكل الذين تُشجعهم هذه المبادرة، وغيرها على الدخول إلى ساحة القراءة سيكونون رصيداً لبلدانهم وللعالم العربي في عالم يعتمد الآن على المعرفة بوصفها شرطاً ضرورياً في توليد الثروة وتعظيم قوة الدول ومكانتها وتأثيرها، وسيصبحون أقدر على إطلاق طاقات التميز والابتكار والإبداع اللازمة لذلك.
وبالقدر نفسه، تُقدِّم المبادرة نموذجاً لتحويل فكرة الاستثمار في الموارد البشرية العربية، واعتبار الإنسان أثمن ما يمتلكه العالم العربي، إلى واقع، وهي الفكرة التي تبنّتها دولة الإمارات منذ تأسيسها، وأصبحت أحد المعالم البارزة لنجاحها. وكذلك تفتح المبادرة الطريق أمام أطراف كثيرة في العالم العربي تمتلك القدرة على إطلاق مبادرات شبيهة لتقديم منجزها في مجال فتح آفاق جديدة للثقافة والمعرفة أمام الشباب العربي.

*صادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية