منذ امتداد نيران الحرب الإسرائيلية إلى لبنان، لم تتوانَ الإمارات عن مساعدة الشعب اللبناني ودعمه. فقد وجّه صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد، رئيس الدولة، بتقديم 100 مليون دولار أميركي للشعب اللبناني، إضافةً إلى حزمة مساعدات عاجلة بقيمة 30 مليون دولار للنازحين اللبنانيين إلى سوريا، وتسيير عدة طائرات لدعم اللبنانيين المتأثرين بالحرب، بالتعاون مع عدد من الشركاء الدوليين كمنظمة الصحة العالمية، واليونيسيف، والمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، والاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر. فتم نقل 375 طناً من المساعدات والإمدادات الغذائية والإغاثية ومعدات الإيواء. وقد ترافق الدعم الإماراتي للبنان مع استمرار ومواصلة مساندة الشعب الفلسطيني، وهو ما بدأ قبل عام عندما أطلقت الإماراتُ حملةَ «تراحم من أجل غزة» لإغاثة الفلسطينيين المتأثرين من الحرب في القطاع.
لكن على صعيد التحرك السياسي الدبلوماسي طالبت الإمارات بدعم الجهود الدولية الهادفة إلى خفض التصعيد والوقف الفوري لإطلاق النار وحماية المدنيين والمعالم المدنية من مستشفيات ومدارس ومنشآت حيوية، وكلا الموقفين ينسجمان مع الرؤية الإماراتية القائمة على التشبث بالقانون الدولي وبمؤسساته ورموزه، وبالدفاع عن عوامل الأمن والاستقرار.
والمشهد يؤكد الدور التاريخي الرائد للإمارات، ودعمها للدول، ومن بينها لبنان، في كل الظروف والأوقات، انطلاقاً من الإرث الإنساني والخيري للمؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، والذي رسخ القيم الإنسانية السامية والمُثل الأخوية النبيلة في المجتمع الإماراتي.
على هذا النهج سارت الدولة مادّةً يدَ العون للأشقاء والأصدقاء في المحن والأزمات التي يتعرضون إليها. لكن المشهد الذي يزرع الطمأنينة اليوم في النفس هو توافد آلاف المتطوعين من مواطنين ومقيمين إلى مركز تعبئة الطرود الإغاثية بمحطة أبوظبي للسفن السياحية للمشاركة بحملة «الإمارات معك يا لبنان»، تلبيةً للدعوة التي وجهها رئيس الدولة. وبمساعدة وتطوع الكثير من الأسر والأفراد الذين تجمعوا في مركز تعبئة الطرود الإغاثية في محطة أبوظبي للسفن السياحية، تم تجهيز أكثر من 250 طناً من المواد الإغاثية. وهي بلا شك صورة تعبر عن التلاحم المجتمعي.
كل تلك التفاصيل وغيرها من التزام وحس عال بالمسؤولية، ترسم صورةً حضارية للمجتمع، وتجسد روح التضامن الإنساني، كما تعكس القيم النبيلة التي ننشدها ونشهدها بالفعل في الإمارات، ونتمنى أن تنتقل عدواها إلى كل فرد ومجتمع ودولة.
منذ تأسيس دولة الإمارات، وديدنها تقديم المساعدات، وهو ما أسهم في ترسيخ اسمها وتجذيره بقوة على هذا الصعيد، لتصبح أحد الرموز في هذا المضمار. إن مد يدها للجميع جعل اسمها يبرز كأكبر دولة مانحة للمساعدات الإنسانية، وهو ما تؤكده تقارير المنظمات الدولية المعنية بهذا الشأن.
إن الإمارات بالأمس واليوم تقدم نموذجاً متفرداً في معنى التضامن مع الشعوب، ليس فقط كدولة، إنما أيضاً كمجتمع لا يتوانى أبداً عن مساعدة الغير في محنه، وكل ذلك يؤكد أن الدولة ملتزمة بنهج التضامن مع الشعوب في الأزمات، وبنشر رسالة إنسانية مضمونها وغايتها مساعدة المحتاجين أينما كانوا، ودعم المجتمعات التي تتعرض للنكبات وهو ما يبث الطمأنينة في نفوس الناس، ويوفر احتياجاتهم الأساسية من ماء وغذاء وكساء ودواء.
ومَن يعود إلى سجل المساعدات الإماراتي سيجد الشواهد كثيرةً، ولا مجال لحصرها من حيث الكم والكيف والوجهة، حتى أني أكاد أجزم أنها فاقت المألوف والمتوقع، والسبب هو أنها وصلت إلى كل القارات وإلى عدد كبير جداً من الدول. ولو أن جميع الدول الكبرى تحذو حذو الإمارات وتوفي بالتزاماتها في مجال المساعدات الإنسانية، لما رأينا فقيراً ولا منكوباً ولا نازحاً بحاجة إلى أبسط مقومات النجاة من الكوارث.