من بين أحد المصادر النظيفة والمتجددة للطاقة، تأتي الطاقة الحرارية الجوفية المعتمِدة على درجات الحرارة الكبيرة الموجودة -بشكل طبيعي في باطن الأرض- حيث يمكن تشغيل أنظمة تقوم باستغلال هذه الحرارة لتوليد البخار، ومن ثم يقوم هذا البخارُ بتدوير توربينات متصلة بمولد لتوليد الكهرباء.
ويتم إنتاج الطاقة الحرارية الجوفية عادةً مِن خلال حفر بئرٍ عميقةٍ في الأرض للوصول إلى خزانات المياه الساخنة التي تتميز بتصاعد البخار لذلك تُعتبر هذه الطاقةُ مصدراً مستداماً وصديقاً للبيئة بشكل كبير، حيث إنَّ انبعاث الغازات الدفيئة محدودةٌ جداً وتأثيرها البيئي محدود كذلك مقارنةً بالوقود الأحفوري التقليدي.
الطاقةُ الحراريةُ لها فوائدَ كثيرة ومتنوعةً بوصفها بديلاً مستداماً للطاقة حيث إنَّ حرارةَ الأرض الداخلية مصدرُ طاقةٍ موثوق به وثابت دائماً ويمكن الوصول إليه في جميع الأوقات، ويوفر مصدراً ثابتاً للكهرباء على مدار الساعة، ولذلك أصبحت مصدراً للطاقة موثوقاً به ومطلوباً أكثر من غيره من مصادر الطاقة الأخرى عكس الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، حيث يعتمد كلاهما على حالة الطقس ممَّا يعني أنهما لن يكونَا متاحينِ في جميع الأماكن والأوقات من العام.
وتعتبر الطاقةُ الحراريةُ مصدرَ طاقةٍ مستداماً بيئيّاً لإسهاماتها الضئيلة في انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، وهذا بسبب اختلافها عن الوقود الأحفوري، مما يقلل من تلوث الهواء، ويحافظ على سلامة المناخ والبيئة وخفض الانبعاثات الكربونية. ويمكن أن يستفاد من الطاقة الحرارية الجوفية في مجالات عدة مثل أنظمة التبريد والتدفئة والطاقة المنزلية والأنشطة الصناعية والتجارية والزراعية وإدارة النفايات على نطاق واسع من خلال استغلال هذه الطاقة المتاحة للجميع والآمنة في الوقت نفسه.
لذلك تعد الطاقة الحرارية مصدراً واعداً لتوليد الطاقة المستدامة، والتي يمكن أن تساعد في تقليل بصمة الكربون لمختلف الصناعات.
لعل أهم إيجابيات هذه الطاقة المستدامة كونها طاقة متجددة، فهي من مصادر الطاقة التي لا تنفد ومستدامه للأجيال القادمة وكذلك طاقة غير ضارة بالبيئة، ولا تسبب أي تلوث سواء في استخراجها أو في تحويلها أو استعمالها وتتوفر بكميات كبيرة جداً وفي مساحات شاسعة وفي أغلب بلدان العالم ويعتبر مردودها عالياً بالنسبة لكمية الطاقة الناتجة.
رغم كل المميزات للطاقة الحرارية الجوفية، والتي جعلتها في طليعة مصادر الطاقة البديلة والمستدامة إلا أن هناك بعض العوامل التي تحد من انتشارها في وقتنا الحالي ومن أهم هذه الأسباب ارتفاع تكلفة إقامة محطات توليد الكهرباء باستخدام الطاقة الحرارية الجوفية ويرجع السبب في ذلك إلى صعوبة حفر آبار بأعماق بعيدة وسط درجات حرارة مرتفعة ومحطات ذات قدرات عالية لتوليد الطاقة.
كذلك قد يحتوي الماء الساخن المستخرج من أعماق الأرض على أملاح ذائبة ومواد سامة مثل الزئبق والزرنيخ، وقد تتسبب في أضرار بالبيئة إذا أطلقت على الأرض.
وعلى ذلك أدى الوعي المتزايد بالتأثير البيئي لمصادر الطاقة التقليدية إلى المزيد من الدعم للطاقة المتجددة بما في ذلك الطاقة الحرارية، وفي هذا السياق تقدم الحكومات في جميع أنحاء العالم سياسات وحوافز لتعزيز استخدام مصادر الطاقة المتجددة، مما يدفع إلى نمو هذا القطاع الحيوي في مجال الطاقة المستدامة والتوسع في مشاريع مستقبلية واعدة.
والطاقة الحرارية الجوفية هي مصدر للطاقة اللامركزية، مما يعني أنه يمكن إنشاؤها واستخدامها محلياً، مما يقلل من الحاجة إلى نقل الطاقة لمسافات طويلة وتقليل تكاليف نقلها وتكون طاقة أكثرسهولة للمناطق النائية ومع استمرار تطور التكنولوجيا، يمكننا أن نتوقع رؤية طرق أكثر كفاءة وفعالية من حيث التكلفة لتوليد الطاقة الحرارية، مما يجعلها بديلاً قابلاً للتطبيق لمصادر الطاقة التقليدية الأخرى.

*خـبير في الطاقة المتجددة