لطالما كانت دولة الإمارات العربية المتحدة، منذ تأسيسها على يد المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، رائدة في مجال الدعم الإنساني والإغاثي، وهو نهج غرسه الوالد المؤسس في نفوس أبناء الوطن. رؤية الشيخ زايد لم تكتف فقط ببناء دولة متطورة، بل شملت كذلك مدَّ يد العون للدول الشقيقة.
ولعل لبنان من أبرز الدول التي تلقت دعماً مستمراً من الإمارات على مدار العقود الماضية. هذا النهج الإماراتي الراسخ يتجسد اليوم أيضاً تحت قيادة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، حيث أصبحت الإمارات نموذجاً للدبلوماسية الإنسانية التي تسعى لتعزيز الاستقرار الإقليمي من خلال تقديم المساعدات المادية والدعم السياسي.
وفي عام 2024، جاء الدعم الإماراتي بأكثر من 100 مليون دولار في إطار مواجهة لبنان لتداعيات الاعتداء الإسرائيلي الأخير، الذي استهدف مناطق واسعة من الضاحية الجنوبية لبيروت وقرى الجنوب اللبناني. هذا الاعتداء خلف دماراً كبيراً وأدى إلى نزوح آلاف الأسر، حيث دفعت الظروف المأساوية بالكثير منهم إلى الانتقال نحو وسط لبنان أو أرياف سوريا بحثاً عن الأمان. دولة الإمارات، وكما اعتدنا منها دائماً، كانت من أوّل الدول التي هبّت لتقديم المساعدة العاجلة للبنان في هذه الظروف الصعبة التي يمر بها، وأطلقت سلسلة من الرحلات الجوية المحمَّلة بمواد الإغاثة الإنسانية، والتي شملت إمدادات غذائية وطبية، للتخفيف من المعاناة التي يعيشها الشعب اللبناني.
وليس هذا التدخل الإنساني هو الأول من نوعه، إذ كانت الإمارات على الدوام شريكاً فاعلاً للبنان في مواجهة أزماته. فخلال حرب عام 2006، قدمت الإمارات دعماً كبيراً لإعادة إعمار المناطق المتضررة، إضافة إلى إيواء النازحين وتوفير الرعاية الصحية والغذائية لهم. هذا الدعم المستمر يعكس فلسفة الإمارات القائمة على الوقوف إلى جانب الشعوب المتضررة من النزاعات، وهو التزام إنساني عميق ينبع من قيم الإمارات التي زرعها الشيخ زايد في أبنائه. السياسة الخارجية الإماراتية تجمع بين المواقف الدبلوماسية المتزنة والدعم الإنساني الفعال.
والإمارات تدرك أن الاستقرار في لبنان لا يتحقق فقط من خلال تقديم المساعدات المالية، بل من خلال تعزيز السلم الأهلي ودعم التعاون بين مختلف الأطياف السياسية. لهذا، كانت الإمارات على الدوام شريكاً مهماً للبنان في أوقات التوتر، وما فتئت تضطلع بأدوار حيوية في تقريب وجهات النظر وتعزيز الحوار بين الفرقاء اللبنانيين، من خلال الدبلوماسية الهادئة والهادفة. وتحت قيادة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة. حفظه الله، تواصل الإماراتُ تعزيزَ دورها كدولة داعمة للسلام والاستقرار.
والدعم الذي تقدمه للبنان ليس مجرد مساعدة في وقت الأزمات، بل هو تعبير عن رؤية طويلة الأمد لتعزيز الأمن الإقليمي والعالمي. وهذا الدعم يعكس فلسفة الإمارات في العمل الإنساني والدبلوماسي، وهي فلسفة تضع الإنسانَ في مقدمة أولوياتها بغض النظر عن الجغرافيا أو العرق أو الدين.
وختاماً، يمكن القول إن الإمارات باتت تشكل نموذجاً رائداً في العمل الإنساني والدبلوماسي على مستوى العالم. ومساعداتها المستمرة للبنان في مواجهة الحروب والاعتداءات، بالإضافة إلى دعمه في أوقات الأزمات الاقتصادية، كل ذلك دليل على التزام إماراتي عميق بمبادئ الأخوّة الإنسانية، وعلى امتلاك رؤية متكاملة تجمع بين الدعم الإنساني والسياسي في إطار دبلوماسية مدروسة تهدف إلى تحقيق الاستقرار والتخفيف من معاناة الشعوب.