عائلة تمر أمام عمل فني، داخل حديقة «مييون» في العاصمة الصينية بكين، يروج للإنجاب، ويظهر فيه زوجان مع ثلاثة أطفال حولهم حمائم السعادة مرفرفةً. وقد ظلت الصين لسنوات طويلة البلد الأكبر في العالم من حيث عدد السكان البالغ عددهم العام الماضي أكثر من 1.4 مليار نسمة، قبل أن تتفوق عليها الهند أخيراً. وكان النمو الديموغرافي في الصين حتى أواسط القرن الماضي عبئاً على الاقتصاد والموارد والخدمات والبنى التحتية، ما ألجأها إلى اعتماد سياسة «تنظيم النسل» المعروفة إعلامياً بسياسة «الطفل الواحد».
لكن بعد الازدهار الكبير الذي عرفه الاقتصاد الصيني منذ ثمانينيات القرن الماضي، وما صاحَبه مِن زيادات فلكية في فرص العمل، وتضاعف في قدرات البلاد على تطوير الخدمات وتوسيع البنى التحتية، ونشوء طبقة وسطى واسعة.. بدأت الصين تتحول عن سياسة «الطفل الواحد» إلى تشجيع الأسر الصينية على إنجاب مزيد من الأطفال.
لقد أصبح انخفاض عدد السكان تهديداً للنمو الاقتصادي في العديد من الدول الصناعية، وهو ما وعته الصين التي أصبح معدل الخصوبة الإجمالي فيها من بين أدنى نظرائه في العالم، إذ يقدر بنحو 1.0 مقارنة بـ 1.62 في الولايات المتحدة. لذا قررت السلطات الصينية بداية من عام 2021 انتهاجَ سياسة جديدة تسمح بإنجاب أكثر من طفل واحد، بل تحث الآباء على إنجاب مزيد من الأطفال، وأصبحت هناك مصالح حكومية معنية بتحفيز الأسر على إنجاب وتربية الأطفال، وبتنظيم دورات حول «النظرة الإيجابية للزواج والإنجاب»، وبالعمل على نشر «ثقافة جديدة للزواج والإنجاب».
وكما قالت قالت مندوبةٌ عن الاتحاد النساء الصيني، خلال اجتماع للبرلمان الوطني في بكين العام الماضي، وهي تحث الصينيات على الزواج والإنجاب، فإن «أي امرأة عاشت حياتَها على هذه الأرض، ولم تنجب حياةً أخرى، لا بد أن تشعر حقاً بالأسف».
ويقع الجزء الأكبر من مجهودات تشجيع النمو السكاني على عاتق جمعيات تنظيم الأسرة، وهي شبكة حكومية تضم مئات آلاف الفروع في القرى وأماكن العمل والأحياء الحضرية، وكلها تعمل على تشجيع الولاة كأولوية وطنية وعلى نشر «ثقافة الخصوبة الجديدة». وجاء في بيان لإحدى هذه الجمعيات: «يعتقد بعض الناس أن الزواج والإنجاب مجرد أمور خاصة، أي يتعلق الأمر فيها بكل فرد على حدة.. لكن هذه النظرة خاطئة ومغايرة للواقع». (الصورة من خدمة «نيويورك تايمز»)