تمر المنطقة بأزماتٍ وحروب، النيران في غزة، وسوريا، وإسرائيل، والعراق، واليمن واضحة وبادية للعيان.
المرحلة صعبة وشاقة. ليس من السهل تجاوز مثل هذا الظرف من دون ثمنٍ باهظ وبخاصةٍ على المستوى الإنساني. من الضروري ظهور خطاب الحكمة والتنمية بوجه نير الحرب ونارها وآثارها. نتحدث عن ملايين المهجّرين وعن مئات القتلى. هذه المرحلة ربما تزيد من خطابات االعنف والتمرد والتثوير. ومن لوازم لجم هذا الموج من الخطاب أن نواجهه بالتنمية. إن التنمية هي المصل الأهم لكل خطابات العنف، فالناس ليست بحاجةٍ إلى الخطاب الثوري وإنما تريد المشروع التنموي، تريد الأمن، والعمل، وجودة الحياة، والطبابة، هذه هي المشاريع الفعّالة. لابد أن يكون في كل دولةٍ رؤية ومشروع وحيوية وتنمية مستدامة على النحو الذي تفعله دولة الإمارات العربية المتحدة بنموذجها التنموي، الذي يركز على التقدم والإزدهار، وبناء واقع أفضل، ومنع انزلاق المنطقة نحو الهاوية.
لقد شهد العالم إعلان مخطط مشروع تطوير مدينة رأس الحكمة وتنميتها على الساحل الشمالي الغربي في مصر باستثمارات مباشرة قدرها 35 مليار دولار، بحضور صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، وشهد العالم عرضاً مرئياً حول المشروع وأهدافه وفكرته العامة، وما ينطوي عليه من أهمية اقتصادية واستثمارية وعقارية وسياحية كبيرة، خاصة في ظل موقعه الاستراتيجي على البحر المتوسط، واستمعا من المسؤولين المعنيين لشرح بشأن أهم ما تتميز به المنطقة والخدمات المتكاملة والفرص التي سيوفرها المشروع لازدهارها.
وشكر صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان فرق العمل التي عكفت على المشروع من الجانبين الإماراتي والمصري خلال الفترة الماضية مثمناً المخطط الخاص به، وأهدافه الطموحة كما ذكرت وكالة الأنباء الإماراتية.
أثبتت الفلسفات أن التنمية هي عنوان نمو الأمم، وسير التاريخ تطرح كيف أثّر الاقتصاد على البشر وأنه أساس التغيير. يرى الفيلسوف ماكس فيبر أن الاقتصاد هو أسّ التغيير في أي مجتمع، فالاقتصاد هو الذي يقود عربة التغيير الثقافي وليس العكس. مشكلة كثير من الدول أنها تقود العجلة إلى الوراء ومن دون انتباهٍ إلى المآلات والمصائر.
لدينا في دول الخليج العديد من الأفكار والمشاريع التي يمكن لبقية الدول أن تستفيد منها. من المؤلم أن نرى مشاهد الحروب ودمار الدول وهدم المستشفيات والمباني، وإزهاق الأرواح، لقد كانت المدن المحترقة متكاملة بمدارسها وأسسها وبنياتها التحتية دمرت بسبب مغامراتٍ وخطابات تصعيدية فاقدة للحكمة والواقعية.
إن الفلسفة التنموية هي أساس الخلاص من أفكار الدمار. لقد أكدت الإمارات دوماً عبر مؤتمراتها وأفكارها حول الحوار بين البشر والدفع نحو التسامح، والتقريب بين النظريات، بفضل فلسفة قادتها على ضرورة تبني سبل النماء والأمن والاستقرار، والدولة تؤسس ليس للمنطقة فحسب وإنما للعالم نحو هذا الطريق.
الخلاصة، أن الاقتصاد هو أساس رفاهية الناس وسعادتهم. لابد من إيقاف طوفان الحروب التي تستنزف مقدرات الناس وأرواحهم، ومشروع تطوير «رأس الحكمة» رسالة استراتيجية للمنطقة والعالم، أن التنمية هي أساس كل شيء، نعم كل شيء.
*كاتب سعودي