في إطار الأهمية الخاصة التي تحظى بها الأسرة كركيزة أساسية للمجتمعات القوية والمتماسكة في عصر العولمة، احتضنت إمارة أبوظبي يومي 2 و3 أكتوبر الجاري فعاليات النسخة الأولى من منتدى الرعاية الاجتماعية، تحت شعار «تعزيز الابتكار والتعاون في مجال الرعاية الاجتماعية»، والتي نظمتها دائرة تنمية المجتمع، بالتعاون مع شركة ديلويت الشرق الأوسط.
وقد حظي المنتدى بأهمية كبيرة، حيث وفر منصة حيوية، لتعزيز مفهوم الابتكار في القطاع الاجتماعي، الذي يُعدُّ أحد الركائز الأساسية لتحقيق التنمية الشاملة والمستدامة، وهذه حقيقة مهمة أدركتها دولة الإمارات منذ وقت مبكر، فعملت على بذل الجهود المتواصلة وإطلاق الاستراتيجيات والمبادرات لتعزيز دور الأسرة وتنمية المجتمع، بما ينسجم والتطورات المتسارعة التي يشهدها عالم اليوم.
وشكَّل المنتدى في نسخته الأولى، فرصة مهمة للخبراء والمختصين المشاركين في فعالياته المتنوعة للتعرف على نماذج الرعاية الجديدة التي تُركّز على تمتين كيان الأسرة، ما يعزز بناء مجتمعات أقوى وأكثر ترابطاً، ويدشن بداية جديدة لقطاع الرعاية الاجتماعية في إمارة أبوظبي والدولة بشكل عام. وفي سياق متصل، سعى المنتدى ليكون ملتقىً لتبادل الأفكار والمعرفة، وتوفير منصة تعاونية للجهات المعنية في القطاع الاجتماعي، ما يعزز مرونتها في مواجهة التحديات المستقبلية، وتجدر الإشارة في هذا الصدد إلى أن تنوُّع خبرات المشاركين قد أثرى الأفكار التي طُرحت لدى مناقشة القضايا المختلفة.
كما سعى المنتدى إلى ترسيخ مكانة أبوظبي مركزاً عالمياً للابتكار في مجال الرعاية الاجتماعية. وبالإضافة إلى ذلك، فإن المنتدى وفر فرصة مهمة لتطوير العمل الاجتماعي، والارتقاء به إلى مستويات جديدة، مع التركيز على دعم مبادرات مستدامة تسهم في تعزيز رفاهية الأفراد والمجتمعات، باعتبار أن الإنسان هو الثروة الحقيقية، والمحرك الأساسي للتنمية الاقتصادية والمجتمعية الشاملة والمستدامة.
وقد شهد المنتدى جلسات تفاعلية مهمة بشأن تقديم الخدمات الاجتماعية رقمياً، وأخرى بشأن النماذج الحديثة للرعاية الاجتماعية المرتكزة على الأسرة، فيما تم تقديم جلسة تعليمية حول التوعية بالصحة النفسية، وأخرى حول تقييم الإعاقة، وبرامج الرعاية الاجتماعية لأصحاب الهمم. كما تضمنت الفعاليات، كلمات رئيسة حول المنظور العالمي للتحديات الرئيسة التي تواجه القوى العاملة، حيث تم التأكيد على الأهمية الخاصة لوجود قوة عاملة وموهوبة، إلى جانب تنظيم ورش نقاشية متنوعة، ومنها جذب واستدامة المواهب في القطاع الاجتماعي، كما تم تسليط الضوء على التحديات التي تواجه القوى العاملة في القطاع الاجتماعي.
وفي الواقع، فإن انعقاد منتدى الرعاية الاجتماعية يأتي في إطار الأولوية القصوى التي توليها قيادتنا الرشيدة، لتكوين الأسرة الإماراتية ورفاهيتها، وثمة العديد من المبادرات والفعاليات التي تقام بشكل دوري لتحقيق هذه الغاية، والتي تعكس الدور الاستراتيجي الذي تقوم به إمارة أبوظبي، ممثلة بدائرة تنمية المجتمع، للتأكيد على أن الأسرة تُعدُّ ركيزة أساسية في مسيرة التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وأن هناك ضرورة قصوى لتعزيز بيئة حاضنة لترسيخ التماسك المجتمعي والترابط الأسري.
ولعله من المهم في هذا الصدد، التأكيد على أن إمارة أبوظبي تضع تطوير وتنظيم القطاع الاجتماعي من ضمن أولوياتها الأساسية، وأنها جعلت تحقيق الحياة الكريمة لجميع أفراد المجتمع، من أهدافها ذات الأسبقية والأحقية. ولدى دائرة تنمية المجتمع بأبوظبي، الجهة المنظمة للقطاع الاجتماعي في الإمارة، رؤية طموحة وأهداف واقعية ومبادرات مبتكرة، تصل للمواطن والمقيم، والأطفال وكبار السن، وكان من أوائل ما قامت به الدائرة تطوير منظومة شاملة للرعاية الاجتماعية، تضمنت استراتيجيات وسياسات ومبادرات، وعلاقات تعاون وشراكة مع مختلف القطاعات للعمل على رفع جودة حياة الأفراد.
إن تطوير القطاع الاجتماعي، بمختلف مجالاته من أجل خلق بيئة محفزة ومتوازنة ومستقرة لدعم الأسر وتحسين جودة الحياة في المجتمع، يعد أولوية أساسية، ولذلك تعمل دولة الإمارات بشكل مستمر على تطوير هذا القطاع المتنامي وتنظيمه على النحو الأمثل من خلال جهود متواصلة ومبادرات مبتكرة.
*صادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.