احتفل المواطنون السعوديون باليوم الوطني للمملكة العربية السعودية داخل وخارج المملكة، جماعاتٍ وأفراداً، كلٌ على طريقته الخاصة، ابتهاجاً بهذه المناسبة الوطنية المهمة التي يفخرون بها، وتعبيراً عن ولائهم وإيمانهم الصادقَين. وعلى نحو موسع، احتفت وسائل الإعلام الإماراتية، عل اختلاف أنواعها (صحف وتلفزيونات وإذاعات.. إلخ) بهذه المناسبة، مما يعكس العلاقة الأخوية المتينة بين البلدين الشقيقين. وزار أحد المقدِّمين الإعلاميين واحداً من الدواوين في المملكة، ليرصد كلمات الحضور ومشاركاتهم، وقد عبّروا جميعاً عن مشاعرهم المبتهجة بهذه المناسبة الوطنية العزيزة إلى قلب المملكة وشعبها قاطبةً.

وقصد المقدمُ الإعلامي رجلا بدوياً مسناً كان يجلس على أريكة في طرف قصيٍّ من المجلس، وطلب منه التحدث، فقال بكل ببساطة وعفوية ودون أي تكلف أو تصنّع: أنا جالس هنا على الطرف لأني أتحاشى الظهورَ في الإعلام، لكن طالما أنكم تصرون وتلحون عليَّ كي أتحدث في هذه المناسبة الوطنية، فدعوني أتحدث على قدر معرفتي البسيطة حول علاقة المواطن السعودي بوطنه: بصراحة ووضوح هناك أطراف خارجية يزعجها وجودنا، وتريد أن تحرمنا من سلاحنا الأقوى، والذي نستطيع أن نتحدى به العالَمَ كلَّه، ألا وهو لُحمتنا الوطنية وقوة تماسكنا الداخلي في جميع الظروف. وهذا ما يتجلى في الإرادة الصلبة والمعنويات العالية للمملكة وشعبها الوفي لقيادته المخلص لوطنه!

ويسترسل ذلك الرجل السعودي البدوي المسن في كلامه المعبِّر عن فطرة سليمة ونفس نقية وأصالة عميقة وأريحية تلقائية.. ثم يقول: إن قوتنا في تماسك شعبنا ووحدة وطننا؛ فتماسك الشعب السعودي ووحدته الوطنية يمثلان أقوى سلاح لحماية الوطن وللدفاع عن مكتسباته الحضارية العظيمة. ويضيف البدوي المسن: حين تكون اللُّحمة الوطنية قوية ومتماسكة، كما هو الحال في المملكة العربية السعودية، فإنه لا يمكن أن توجد قوة يمكنها النيل من الوطن أو محاولة الإساءة إليه.

وحتى إن وَجدت قوةٌ خارجية أحدَ ضعاف النفوس ممن انزلق منخرطاً في مؤامرات ما وراء الحدود، واختار أن يشذ عن الصف وعن وحدة الشعب، راضياً بأن تحتضنه جهات خارجية مغرضة وأن تطلق عليه تسمية «المنشق»، وهي صفة ذميمة لا يقبلها مجتمعنا ولا تستسيغها أعرافنا وتقاليدنا العريقة.. فإن مَن يختار ذلك النهج الخاطئ والإجرامي بحق وطنه، لا يمكن إلا أن يكون شخصاً سفيهاً ضحلَ الوعي وعقيم التفكير! ويكمل البدوي المسن حديثه بالقول إن مَن اختار نهج الخروج على صف الإجماع الوطني فإنه لا يستطيع النيلَ من قوة التماسك الداخلي للوطن، وإنما يقصي نفسَه بنفسه ويختار هاويةَ الضلال والسقوط الأخلاقي.

من خلال ذلك الفكر الناضج والحس الوطني العالي والمعنويات الرفيعة والبلاغة المتفردة، صاغ ذلك البدوي المسن موقفاً فكرياً متكاملا حول الانتماء والوفاء والإخلاص، مختصِراً الكثيرَ من الدراسات والكتب ودروس الوطنية.. في كلمات بسيطة وبروح عفوية مفعمة بالولاء الراسخ والانتماء الثابت، على نحو ينم عن قوة وثقة واطمئنان لا نظير لها، وعن درجة عالية للغاية من حب الوطن والثقة في وفاء شعبه والتعلق بقيادته.. إذ نَعتَ (عن صدق) وحدةَ اللُّحمة الوطنية بأنها قوى سلاح يمتلكه الوطن الذي يلتف خلف قيادته، حفاظاً على مكتسبات بلد أصبح نموذجاً ومثالا يُقتدى به بين الدول والأمم والشعوب. فتحية وطنية لذلك المواطن السعودي البدوي الصالح، ولدرسه العميق وكلماته العفوية البسيطة التي أصبحت «ترندا» يتداوله مستخدمو وسائل التواصل الاجتماعي بمناسبة اليوم الوطني السعودي.

*كاتب سعودي