في عصر تتسارع فيه التكنولوجيا، وتزدهر وسائل التواصل الاجتماعي، أصبحت الأخبار الكاذبة أو الشائعات خطراً يهدد المجتمعات كافة، فبضغطة زر يمكن نشر معلومات مغلوطة أو مشوهة تترك آثاراً خطِرة في الأفراد والمجتمعات، ولذلك لم تعد مواجهة هذه الظاهرة رفاهية، بل ضرورة ملحة لحماية المجتمع، وتعزيز الثقة بين المواطنين ووسائل الإعلام، وضمان استقرار الدول في مواجهة التحديات الإعلامية.
وكانت دولة الإمارات العربية المتحدة - ولا تزال - في طليعة الدول التي تعترف بخطورة انتشار الأخبار الكاذبة، وقد اتخذت خطوات متقدمة لصياغة تشريعات قوية ومتماسكة تهدف إلى حماية المجتمع من هذه الأخطار، وضمان دقة المعلومات المتداولة داخل الدولة، ومصداقيتها. وتقدر دولة الإمارات الأهمية البالغة للمعلومة الصحيحة في بناء مجتمع معرفي يسهم في التنمية المستدامة، ولذلك أصدرت تشريعات مبتكرة لمواجهة الأخبار الكاذبة والشائعات، وسعت إلى تطبيق استراتيجيات متعددة المستويات تعزز ثقة الجمهور بالمعلومات التي تنقلها إليه وسائل الإعلام المختلفة، ومن أبرز هذه الجهود: 
قانون مكافحة الجرائم الإلكترونية
يمثل هذا القانون حجر الأساس في جهود الدولة لحماية الفضاء الإلكتروني من الأخبار الزائفة، وينص على معاقبة كل من يتعمد نشر الشائعات، أو المعلومات الكاذبة عبر الإنترنت، بفرض عقوبات صارمة تشمل الحبس والغرامات المالية الكبيرة، ويعكس هذا القانون التزام دولة الإمارات بحماية الفضاء الإعلامي من أي تلاعب أو تشويه.
التوعية المجتمعية 
لا تقتصر الجهود الإماراتية على التشريعات فقط، بل تمتد لتشمل حملات التوعية الواسعة أيضاً التي تستهدف جميع فئات المجتمع، إذ تُشجِّع هذه الحملات الأفراد على التحقق من المصادر قبل تداول الأخبار، وتسعى إلى تعزيز قدرة المواطنين على التمييز بين الأخبار الصحيحة والزائفة. وتمثل هذه التوعية حجر الأساس في جهود مكافحة الشائعات، لأنها تعزز وعي الجمهور، وتشركهم في مواجهة هذه الظاهرة.

تعزيز الإعلام الرصين 
تضطلع وسائل الإعلام بدور محوري في التصدي للأخبار الكاذبة، وتدعم دولة الإمارات - من هذا المنطلق - الإعلام المستقل الذي يتبنى المهنية والشفافية، وتسعى إلى تعزيز التعاون الوثيق بين المؤسسات الإعلامية والجهات الحكومية، بهدف تزويد المواطنين بمعلومات دقيقة في الوقت المناسب، وتسعى الدولة أيضاً إلى بناء بيئة إعلامية قائمة على الثقة والشفافية، وهو ما يزيد موثوقية الأخبار الصادرة عن وسائل الإعلام المحلية.

تطوير أنظمة الرصد والتحقق 
لا يمكن الاعتماد في عصر الرقمنة على الوسائل التقليدية لمواجهة الشائعات، ولذلك تطوِّر دولة الإمارات أنظمة ذكية لرصد الأخبار المتداولة على منصات التواصل الاجتماعي وتحليلها، فهذه الأنظمة تساعد على التعرف إلى الأخبار الكاذبة سريعاً، مما يسمح باتخاذ الإجراءات اللازمة فوراً لوقف انتشارها قبل إحداث أي تأثيرات سلبية في المجتمع.
وتعد دولة الإمارات العربية المتحدة نموذجاً يُحتذى به في التصدي لظاهرة الأخبار الكاذبة والشائعات، إذ تدرك الدولة أن التحديات الإعلامية الجديدة تتطلب حلولاً متكاملة، وعن طريق التشريعات الصارمة، وحملات التوعية، ودعم الإعلام الرصين، تسعى دولة الإمارات إلى حماية المجتمع من أضرار كثيرة تنجم عن انتشار المعلومات المضللة.

*مستشار قانوني في إدارة الشؤون القانونية - قسم التشريعات والشؤون الحكومية