يمثل اعتماد صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، «اليوم الإماراتي للتعليم» خطوة ذات دلالات رمزية وعملية كبيرة ضمن مسيرة لا تعرف التوقف، من أجل الارتقاء بهذا القطاع المهم في دولة الإمارات العربية المتحدة، بوصفه الأساس المكين لكل ما تحققه الدولة من نجاحات وإنجازات، وحجر الزاوية في تطبيق مقولة القائد المؤسس المغفور له، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، إن «بناء الإنسان أفضل الاستثمارات فوق أرضنا».
كانت دولة الإمارات على موعد مع هذه البشرى، من خلال كلمات صاحب السمو رئيس الدولة، حفظه الله، يوم الاثنين 30 سبتمبر 2024، التي جاء فيها: «التعليم عماد التنمية وروح التقدم وأساس البناء، وهذا ما تؤمن به دولة الإمارات وتسير عليه وتخطط من خلاله لحاضرها ومستقبلها. وتقديراً للموقع المحوري للتعليم في رؤيتنا التنموية وامتناناً ووفاءً لكل القائمين على المنظومة التعليمية، نعتمد يوم الثامن والعشرين من فبراير من كل عام (اليوم الإماراتي للتعليم)، تخليداً لليوم الذي شهد فيه الشيخ زايد، رحمه الله، تخريج أول دفعة من المعلمين من جامعة الإمارات عام 1982».
وتتنوع الدلالات التي يمكن التوقف لديها في هذه الكلمات الملهمة التي تحمل رؤية مكتملة لدور التعليم في تطوير الأمم والشعوب، ويتعلق أولها بمنهج اختيار اللحظات التاريخية التي تحمل طاقات رمزية كبيرة، ووضعها في المكانة التي تستحقها من حيث إسهامها في مسيرة العمل الوطني الناجحة، وتشجيع أبناء دولة الإمارات على تأمل تاريخهم بعين تُدرك مناطق القوة فيه، وتحدد الوزن الحقيقي لأحداث قد تبدو بسيطة للوهلة الأولى، لكنها كانت ذات تأثير كبير في صناعة المستقبل.
وتتعلق الدلالة الثانية بمواصلة تعزيز «ثقافة التكريم»، أو «ثقافة التقدير» في الدولة، وهي قيمة إنسانية راقية أولتها دولة الإمارات اهتماماً كبيراً، تُجسد الاعتراف بجميل كل من يؤدون عملهم بتفانٍ وإخلاص، وتمنحهم حافزاً قوياً لمواصلته على المستوى نفسه، وتشجع الآخرين على أن يحذوا حذوهم. وليس هناك شك في أن ثقافة التقدير هي جزء من منظومة النجاح الذي تحققه الدولة على كل المستويات.
ومن الدلالات المهمة أيضاً، ارتباط «اليوم الإماراتي للتعليم» بتخريج الدفعة الأولى من المعلمين. فعلى الرغم من أن كل المنخرطين في العملية التعليمية يُسهمون معاً في إنجاحها، فإن المعلم يبقى الركيزة الأهم فيها، والطرف الذي يحمل على عاتقه ترجمة كل الرؤى والاستراتيجيات والخطط والمناهج التعليمية إلى واقع في الميدان التعليمي. ولقد كان تخريج هذه الدفعة فاتحة الطريق نحو الحضور القوي للمعلمين من أبناء الدولة في العملية التعليمية سنة وراء سنة، وهو ما يحقق أهدافاً متعددة، تتعلق برفع جودة العملية التعليمية وكفاءتها، وتعزيز الهوية الوطنية. وقد بلغت نسبة المعلمين المواطنين في التعليم الحكومي في أبوظبي 48.9% عام 2022، بزيادة ملحوظة عما سبقها من سنوات.
وفي هذا السياق، تجدر الإشارة إلى أن دولة الإمارات العربية المتحدة قد خصصت 10.2 مليار درهم للتعليم عام 2024، تمثل 16% من ميزانية هذا العام، ما يضع الدولة في موقع متقدِّم على قائمة الدول التي تنفق على التعليم. وقد انعكست نتائج هذه السياسة في تحقيق الدولة إنجازات مهمة على المستوى العالمي، ومن أمثلتها حلول الدولة في المرتبة الأولى عالمياً في قطاع التعليم والتدريب التقني والمهني عام 2022، ضمن «مؤشر المعرفة العالمي».
وإلى جانب الإنفاق السخي على التعليم، يأتي التطوير المستمر للهياكل المؤسسية الفعالة التي توجِّه وتنظِّم وتنسِّق العمل في هذا القطاع، كما يظهر في إعادة تشكيل مجلس التعليم والتنمية البشرية والمجتمع، في 14 يوليو 2024، برئاسة سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، وزير الخارجية، وضم وزارة تنمية المجتمع تحت مظلة المجلس، بالإضافة لوزارة التربية والتعليم، والتعليم العالي والجامعات الاتحادية ووزارة الموارد البشرية والتوطين، وتعيين سمو الشيخة مريم بنت محمد بن زايد رئيسة للمركز الوطني لجودة التعليم، وهو ما يتيح بلورة استراتيجيات وسياسات تعليمية شاملة تُسهم في وصول الدولة إلى هدفها المتمثل في أن تصبح أفضل دول العالم.

*صادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية