الدولة التي تبني إنسانَها وتطور مجتمعها وتكْرم سكانَها وتهتم بحياة مواطنها وتحصنه وتصون كرامته، هي دولة واعية وفاضلة ومتطورة.. بلا شك. ولا بد لدولة من هذا الصنف أن تجني ثمار جهودها الرائدة على المدى البعيد؛ لكونها تزرع وتحصد أطيب حصاد. ومثل هذه الدولة بإمكانها أن تزاحم الدول العظمى في مضمار التقدم والتطور والازدهار والنمو، وذلك لأن الإنسان هو محور الثروة وهو صانع التقدم الحقيقي، كما أنه عصب التطور عندما يجد الاهتمام الكافي.. وعندها تستفيد الدولة والمجتمع من طاقاته وخبراته ومهاراته وعلومه ومعارفه.
ودولة الإمارات من الدول المتميزة في الاهتمام الفائق برعاية شعبها، والكل يشهد لها بهذا عبر التاريخ، إذ نجد أنها تسخِّر كل الإمكانات لبناء الإنسان وتعليمه والاهتمام بصحته، داخل الدولة وخارج أراضيها على حد سواء.
وحين يقوم صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، بزيارة رسمية للولايات المتحدة، وما تنطوي عليها مثل هذه الزيارة التاريخية من لقاءات وانشغالات على أرفع المستويات، فإن ذلك لم يمنعه من تخصيص جزء من وقته الثمين لزيارة المواطنين الإماراتيين في أماكنهم هناك.
لقد شاهدنا الفرحة الغامرة والسعادة العفوية التي اتضحت جلياً على وجوه أبناء دولة الإمارات في الولايات المتحدة الأميركية، سواء أكانوا طلبة أم سوى ذلك. ورأينا صاحب السمو رئيس الدولة يتفقّدهم واحداً واحداً، ويحتضن الأطفال ويجلس بجانبهم ويحدثهم بأريحية ولطف وعفوية، وهم يحمدون الله على أنه زارهم في الغربة وتلمس احتياجاتهم.
ومما أدهش الجميع تلك الطفلة الإماراتية الصغيرة التي تتلقى العلاج في أميركا، حين ركضت إلى سموه واحتضنته، قائداً ووالداً، بحرارة وتلهف كبيرين وهي تقول: «أنا بخير يوم شفتك»، في تعبير عفوي شفاف وصادق لا يقبل التأويل، مما يعكس الحب الأبوي والشعورَ الصادق بين القائد المخلص وشعبه الوفي.
ومما يثلج الصدور هذا التلاحم والتناغم والانسجام التام بين الأب وأبنائه، في جو رائع من اللطف والأريحية ومشاعر الود والمحبة بين القائد وشعبه.. في مشهد عفوي رائع بلا تكلف ولا بروتوكول، مما يعكس ويكرس ويؤكد نظريةَ الاستثمار الحقيقي في الإنسان بوصفه الهدف الأسمى والمكسب الأغلى.
إن مقولة أولوية الإنسان إحدى أهم المقولات التي ما فتئ يؤكد عليها قادةُ دولة الإمارات منذ تأسيسها وحتى الآن، وكان قد أطلقها المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، فآتت أُكلها الطيب، وسار على النهج من بعده أبناؤه البررة الأوفياء وهم يواصلون المسيرة المظفرة بقيادة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، وخلفه شعب الإمارات الكريم، وفاءً وإخلاصاً وعرفاناً بجميل هذا النهج وبنجاح خياراته وبحكمة رؤاه وبمستقبلية توجهاته.. لبناء وتطوير ونهضة هذه البلاد التي أصبحت محطَّ أنظار المنطقة كلها والعالم بأسره، والتي ما فتئت تحث الخطى بثقة وجدارة وكفاءة واقتدار نحو مزيد من التطور والرخاء والعلم والمعرفة والإبداع.
*كاتب سعودي