في خطوة تعكس العلاقات المتميزة بين دولة الإمارات العربية المتحدة والولايات المتحدة الأميركية، التقى صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، حفظه الله، خلال أول زيارة رسمية لسموِّه إلى واشنطن منذ توليه رئاسة الدولة، الرئيس جو بايدن في البيت الأبيض، حيث ناقش الزعيمان، خلال اللقاء، الشراكة الاستراتيجية الدائمة بين الدولتين، وسبل تعزيز التعاون في مختلف المجالات، والتي كان من بين عناوينها التكنولوجيات المتقدمة، مثل الذكاء الاصطناعي والطاقة النظيفة والفضاء والأمن السيبراني.
وفي البيان المشترك الذي تناول تفاصيل اللقاء، وصدر عن البيت الأبيض في 23 سبتمبر، تعهَّد الزعيمان بتقديم قيادة عالمية للقضايا ذات الأهمية، وتعميق العلاقات الاقتصادية والتجارية والعلمية والتكنولوجية بين الدولتين؛ ليأتي هذا كنتيجة للعلاقات المتميزة بين أبوظبي وواشنطن، والتي تمتد لأكثر من خمسة عقود، وتقوم على أسس قوية من التعاون الوثيق الذي يدعم ازدهار الدولتين وأمنهما.
وكشهادة على التقدُّم التكنولوجي الذي تحققه دولة الإمارات العربية المتحدة بقيادة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، فقد أثنى الرئيس بايدن على البنية التحتية الرقمية في الدولة وتطويرها للأنظمة التكنولوجية الموثوقة عالميّاً، وأشاد كذلك بشراكة دولة الإمارات مع الولايات المتحدة في تسريع تقدُّم تكنولوجيات الطاقة النظيفة، كالطاقة الاندماجية، ودور الدولتين في قيادة الجهود العالمية في هذه التكنولوجيات الرافدة لنمو الاقتصاد العالمي.
وفي خطوة تعكس نموذجاً رائداً للعلاقات المتميزة بين الدولتين، رحَّب القائدان بالشراكة الاستراتيجية بين مجموعة «جي 42»، وشركة مايكروسوفت لتمكين نشر البنية الأساسية السحابية وخدمات الذكاء الاصطناعي في دول الشرق الأوسط وآسيا الوسطى وأفريقيا، وبما يعكس التزام الدولتين بتحسين رفاهية الإنسان من خلال التكنولوجيا المتقدمة أينما وُجد. ورحَّب الرئيسان بالمبادئ المشتركة في مجال الذكاء الاصطناعي، والتي أقرّها أثناء الزيارة سمو الشيخ طحنون بن زايد آل نهيان، نائب حاكم إمارة أبوظبي مستشار الأمن الوطني، وجيك سوليفان مستشار الأمن القومي الأميركي، والهادفة إلى تعزيز سبل التعاون في تطوير الأطر التنظيمية للتكنولوجيات الذكية، والعمل على النشر الآمن والموثوق لحلولها المتقدمة، وتمكين التبادل البحثي والأكاديمي بين الدولتين في موضوعاتها الحيوية.
وإقراراً بمكانة الإمارات في سلاسل التوريد العالمية، أشاد الرئيس الأميركي بالاستثمارات الاستراتيجية للدولة على مستوى العالم، وتطرق إلى أهمية الجهود الجارية مع دولة الإمارات في مبادرات استراتيجية ضمن سلاسل توريد المعادن الحرجة، والتي تعدُّ مكونات لازمة في عمل تكنولوجيات الطاقة النظيفة والمتجددة، بما في ذلك الرقاقات وتوربينات الرياح والألواح الشمسية، والمركبات الكهربائية.
ولأن زيارة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، تمثِّل فرصة كبيرة للدولتين، تم التأكيد خلال لقاء سموه مع الرئيس الأميركي على أهمية تعزيز الشراكات الاستراتيجية في تكنولوجيات الفضاء، كون دولة الإمارات والولايات المتحدة عضوين مؤسسين لاتفاقيات «أرتميس». وتطرَّق الزعيمان كذلك إلى التعاون في مجال تدريب الرواد، فضلاً عن الجهود المشتركة في أبحاث المريخ ودراساته العلمية التي تدعم طموحات الدولتين في مجال الفضاء، كما أشاد الرئيس بايدن تحديداً بدور الإمارات في مشروع «البوابة القمرية»، والذي تضطلع فيه بمسؤولية تطوير «غرفة الضغط» لهذه المحطة الفضائية.
والتزاماً من الدولتين بأمن العالم الرقمي، فقد أكد القائدان أهمية سلامة الفضاء الإلكتروني واستقراره؛ كأساس لنمو الاقتصاد الرقمي، وشددا أيضاً على ضرورة الالتزام بمبادئ الإنترنت المفتوح القابل للتشغيل المتبادل بصورة آمنة وموثوقة. ومن بين ما تم التأكيد عليه كذلك، أهمية تعميق التعاون في مجال الأمن السيبراني على أسس تستند إلى القانون الدولي، مع الإشارة بصفة خاصة إلى الإسهامات التي قدمتها دولة الإمارات ضمن مبادرة مكافحة برامج الفدية الدولية التي أُطلقت العام الماضي.
وفي إطار المسارات المستقبلية للعلاقات بين دولة الإمارات والولايات المتحدة، أكد البيان تطلُّع الدولتين إلى القيام بدور ريادي مشترك ضمن بيئات الأعمال المتقدمة، مع الترحيب بالشراكات المبتكرة في حلولها، في مجالات الذكاء الاصطناعي، وتكنولوجيات الطاقة النظيفة، واستكشاف الفضاء، وغيرها من المجالات ذات الأولوية؛ وبصورةٍ تعزز الشراكة الاستراتيجية، ولعقود مقبلة.
*صادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.