أعلنت دولة الإمارات نجاح جهود وساطة قامت بها بين روسيا وأوكرانيا، لصالح إنجاز عملية تبادل أسرى حرب جديدة، شملت 206 أسرى مناصَفةً بين الجانبين. ويصل العدد الإجمالي للأسرى الذين تمّ تبادلهم بين كل من روسيا وأوكرانيا بوساطة إماراتية 1994 أسيراً في ثماني دفعات حتى تاريخه.

‏‎ وقد أعربت وزارة الخارجية لدولة الإمارات عن شكرها للبلدين على تعاونهما، واستجابتهما لجهود الوساطة الإماراتية، وعلى إنجاح عملية تبادل الأسرى، على الرغم من تحديات المحيطة بعمليات من هذا النوع، وعلى الرغم من ظروف الحرب نفسها. ‏‎

إن عملية تبادل الأسرى من العمليات الحساسة والمعقدة عادةً، وذلك لأنها تنطوي على التفاوض والتنسيق بين الأطراف المتنازعة بغية تبادل الأسرى والمحتجزين، ويتطلب ذلك غالباً تفاهماتٍ حول الشروط والأوقات والتفاصيل اللوجستية للتبادل. وكثيراً ما يشتمل هذا النوعُ من الدبلوماسية على التفاوض مع الأطراف المعنية حول عدد الأسرى، وتوقيت التبادل، وتحديد المواقع التي يتم فيها التبادل، إضافةً إلى التأكد مِن ضمان سلامة الأسرى أثناء عملية النقل والتسليم. وتعمل دبلوماسية تبادل الأسرى على تقليل الخسائر البشرية، وتحسين العلاقات بين الأطراف المتنازعة، وتهدئة التوترات بين الجانبين المتحاربين، وفي مراحل متقدمة يمكن أن تكون جزءاً من جهود أوسع لتحقيق السلام. أي أن الوجه الإنساني في عملية تبادل الأسرى مِن شأنه أن يساعد الأطرافَ المتحاربةَ في تبنِّي نظرة تفاؤلية، مما يزيد احتمالات التقارب ونزع فتيل الحرب بين البلدين، وذلك من خلال التفكير في البحث عن الحلول السلمية بعيداً عن جبهات القتال ولغة السلاح.

وتعد دبلوماسية تبادل الأسرى، في جانبها الإنساني، خطوةً مهمةً نحو تخفيف معاناة الأفراد وعائلاتهم. وهو جانب يشمل الرحمة والعدالة الإنسانية، لأن تبادل الأسرى يطمئن كلاً من الطرفين المتحاربين على أن أسراه تتم معاملتهم بكرامة وفي ظروف إنسانية جيدة، وأن شروط احتجازهم تتوافق مع المعايير الإنسانية الدولية. وإلى ذلك فإن دبلوماسية تبادل الأسرى تسهم في إعادة لم شمل عائلات الأسرى، ما يقلل المعاناة النفسية ومشاعر القلق لدى الأُسر.

وما من شك في أن دبلوماسية الإمارات في تبادل الأسرى بين روسيا وأوكرانيا تعكس دورَها المتنامي وسيطاً دولياً في حل النزاعات وفي التخفيف من حدتها وتقليل آثارها الإنسانية.

ودولة الإمارات، بفضل علاقاتها الطيبة مع الأطراف المختلفة، وبالنظر إلى مكانتها الجيوسياسية المتميزة، وأخذاً في الاعتبار رصيدَها الدبلوماسي الدولي المتنامي، وما تحظى به من احترام لدى الجميع.. تمكنت من تسهيل الحوار بين الدولتين المتنازعتين، ما يعكس سعيَها الصادق لدعم السلام والاستقرار في العديد مناطق النزاع حول العالم. وهذه الدبلوماسية الذكية مِن شأنها بالتأكيد أن تعزز سمعةَ الإمارات كمركز أساسي للوساطة الدولية والجهود الإنسانية. وكل ذلك يؤكد وعيَ قيادة دولة الإمارات بأهمية الدبلوماسية في صيانة المصالح العليا للدولة، وتأكيد حضورها على الساحتين الإقليمية والعالمية، ودعم التنمية في الداخل.. وقد تجلى ذلك واضحاً في اهتمامها الكبير على مدى خمسين عاماً الماضية بالعمل الدبلوماسي وبتطويره وتفعيل آلياته. وطالما كانت دولة الإمارات منارةً للحوار والدبلوماسية والتسامح، وهي مسؤولية أساسية اطلعت بها عن وعي دقيق بما تملكه من إرادة وإمكانات، للإسهام الفعال في الاستقرار والتقدم العالميين.

*سفير سابق