ترسخ لدى الأميركيين في العقود الماضي ميل متزايد إلى بناء مساكن في الضواحي وخارج المدن، وفي أحيان كثيرة عند أطراف الغابات.. وهو ميل كرّسته، ووسعته جائحة كورونا التي سُمح خلالها بالعمل عن بُعد، حيث بات مِن المعتاد أن يلجأ الموظفون إلى ممارسة وظائفهم مِن منازل في مناطق نائية، لكنها متصلة بالإنترنت. غير أن طبيعة الأماكن التي اختارها كثير من الأميركيين للعيش في الأعوام الأخيرة عرَّضتهم لمزيد من المخاطر في ظل الظواهر المرتبطة بالتغير المناخي وتداعياته المتفاقمة، مثل الأعاصير والفيضانات وحرائق الغابات.. إلخ.

منزل في ضواحي مدينة هيوما بولاية لويزيانا، وقد تضرر جراء شجرة سقطت عليه خلال إعصار «فرانسين» الذي ضرب الولاية الخميس الماضي، والذي تسبب في تهاطل أمطار غزيرة غمرت مياهُها العديدَ من الطرق والأحياء والمناطق، قبل أن يتحول إلى منخفض استوائي وصلت تأثيراتُه إلى معظم المجتمعات في جنوب شرق الولاية. وفي هذه المناطق أمضى رجالُ الإنقاذ الليلَ في إجلاء السكان من المنازل المغمورة بالمياه وسط الظلام، حيث أسقطت الرياحُ العاتيةُ الأشجارَ، وأدت إلى انقطاع التيار الكهربائي عن نحو نصف مليون شخص. وبحلول منتصف نهار الخميس، بدأت مياه الفيضانات في الانحسار ببطء في نيو أورليانز والمناطق الواقعة إلى الجنوب الغربي منها، رغم البلاغات الكثيرة حول وجود مشاكل في عمل أنظمة الصرف الصحي.

وقد وصلت العاصفة إلى الشاطئ في وقت متأخر من ليل الأربعاء - الخميس مع رياح تبلغ سرعتها 100 ميل في الساعة، حيث تحولت إلى منخفض استوائي، لكن مع هطول أمطار غزيرة في أجزاء من ولايات أخرى، مثل ميسيسيبي، وألاباما، وفلوريدا في أثناء تحركها إلى الداخل. أما في لويزيانا، حيث تركزت قوة العاصفة، فقد حث المسؤولون السكانَ على البقاء بعيداً عن الطرق المغمورة بالمياه في وقت مبكر من يوم الخميس، وفرضوا حظرَ التجول في بعض المناطق، واستطاع رجالُ الإنقاذ الوصول إلى بعض الأشخاص الذين تقطعت بهم السبل بسبب ارتفاع منسوب المياه.

وتسببت الأشجار المتساقطة وأعمدة الإنارة الكهربائية، إلى جانب ارتفاع منسوب المياه، في حدوث الكثير من الأضرار في جنوب وجنوب شرق لويزيانا، وفقاً لشرطة الولاية. كما تسببت في انقطاع التيار الكهربائي على نطاق واسع في ولايتي فلوريدا وميسيسيبي، وأغلقت العديد من الجامعات والمدارس والمكاتب الحكومية. وفي المجمل، فقد كانت الأضرار المادية الناجمة عن إعصار فرانسين كبيرة في لويزيانا بالخصوص، وكان وقعها الأكبر على المجتمعات الصغيرة التي تقطن مناطقَ منعزلةً قربَ الأنهار والغابات! (الصورة من خدمة «نيويورك تايمز»)