في خطوة جديدة لتعزيز حقوق العمالة الوافدة في دولة الإمارات العربية المتحدة، واعتباراً من يوم 29 أغسطس 2024، دخلت التعديلات الجديدة لقانون العمل حيّز التطبيق الرسمي، وقد جاءت هذه التعديلات في إطار تطبيق المرسوم بقانون اتحادي رقم (9) لسنة 2024 الذي أصدره صاحب السموّ الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، نهاية يوليو الماضي بتعديل بعض أحكام المرسوم بقانون اتحادي رقم (33) لسنة 2021 بشأن تنظيم علاقات العمل (قانون العمل).
وفي الواقع، فإن صدور المرسوم بقانون اتحادي رقم (9) لسنة 2024، يندرج في إطار التطوير المتواصل للبنية التشريعية في دولة الإمارات، بهدف ضمان كفاءة سوق العمل في الدولة، وتعزيز تنافُسيته، وتنظيم علاقات العمل، وتحديد حقوق والتزامات أطرافِها على نحوٍ متوازن، بما يضمن توفير الحماية لهم، وتمكينِهم من الحصول على حقوقِهم في إطارٍ قانوني محكم.
ويمكن النظر إلى المرسوم بقانون اتحادي رقم (9) لسنة 2024، من زاوية الحرص المستمر لدولة الإمارات على تقييم كافة جوانب العمل، ابتداءً من الاستقدام وعملية التوظيف وتوفير السكن المناسب، لضمان حقوق جميع العمال، ومعاملتهم باحترامٍ ومساواة، وتمكينهم من الإبلاغ عن النزاعات العمالية وحوادث سوء المعاملة، إن حدثت، بكلِّ سهولة وموثوقية.
ولعله من المهم الإشارة في هذا السياق إلى أنه وبالنظر إلى أهمية حماية حقوق العمال وتقديراً لإمكاناتهم، والدور الحيوي المنوط بهم في دفْع عملية التنمية وترسيخها، حرِصت دولة الإمارات كذلك على الانضمام للمنظمات المعنية بحقوق العمال، مثل منظمة العمل الدولية ومنظمة العمل العربية وغيرها من المنظمات المعنية.
ويتضمن المرسوم بقانون اتحادي رقم (9) لسنة 2024 العديد من المزايا، التي تؤكد أن دولة الإمارات سباقة في حماية العمالة الوافدة وتعزيز حقوقها، وفي مقدمتها تولّي المحكمة الابتدائية المختصة نظر دعاوى المنازعات العمالية، وإحالة المنازعات الموجودة بمحاكم الاستئناف إلى المحكمة الابتدائية المختصة، بالحالة التي تكون عليها، اعتباراً من اليوم (تاريخ العمل بأحكام هذا المرسوم بقانون) أيضاً، باستثناء المنازعات المحكوم فيها أو المحجوزة للنطق بالحكم، وقد نص المرسوم الجديد على أن المدة المسموح خلالها تقديم الدعوى العمالية هي سنتان من تاريخ انتهاء علاقة العمل، وقد حدد بداية السنتين بانتهاء العلاقة العمالية وليس استحقاق الحق محل المطالبة، وبحسب المرسوم بقانون تقوم المحكمة الابتدائية المختصة خلال ثلاثة أيام عمل من تاريخ استلام الطلب أو المنازعة، بتحديد جلسة لنظر الدعوى ويُعلن بها طرفا النزاع، ويفصل فيها على وجه السرعة، وقد عدل المرسوم الجديد المدة المحددة للفصل في الدعوى من قبل المحكمة المختصة لتصبح 30 يوماً بدلاً من 15 يوماً من تاريخ قيد الدعوى لديها، بحكم «نهائي».
وتحظى جهود الدولة في مجال تعزيز حقوق العمالة بترحيبٍ عالمي، وهنا تمكن الإشارة، على سبيل المثال لا الحصر، إلى أنه خلال القمة العالمية للحكومات التي عقدت في فبراير 2023، رحب جيلبرت أنغبو، المدير العام لمنظمة العمل الدولية، بالجهود التي تبذلها دولة الإمارات لتطوير أطر الحماية والخدمات الاجتماعية، وأشاد بخطط الدولة لتبني التكنولوجيا اللازمة لتحقيق هذه الأهداف. كما تجدر الإشارة إلى أن سوق العمل في دولة الإمارات قد حقق المركز الأول على مستوى العالم في مؤشر «قلة النزاعات العمالية» الصادر عن تقرير الكتاب السنوي للتنافسية العالمية لعام 2022.
إن الاهتمام الكبير الذي توليه دولة الإمارات لترسيخ حقوق قطاع العمالة الوافدة، إنما يرتكز على قناعة راسخة بأهمية الدور الذي تقوم به هذه العمالة في دعم الاقتصاد الوطني، ومن ثم تعمل كل المؤسسات المعنية على توفير كلّ الفرص الممكنة لهذا القطاع الحيوي، كي يضطّلع بدوره المأمول على أكمل وجه، حتى أصبحت دولة الإمارات نموذجاً يُحتذى به في تحسين ظروف العمل.
*صادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية