في إطار دعم الجهود الوطنية والدولية لمكافحة جريمة الاتجار بالبشر، أطلقت «هيئة الرعاية الأسرية»، بالتزامن مع اليوم العالمي لمكافحة جريمة الاتجار بالأشخاص، الموافق 30 يوليو، حملة «متحدون ضد الاتجار بالبشر»، التي تستمر حتى مايو 2025، بهدف دعم جهود مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، والذي يضع هذه الجريمة الخطيرة تحت المجهر في سياق عالمي تحت شعار «عدم ترك أيّ طفل خلف الركب في مكافحة الاتجار بالبشر».
وتكتسب جهود دولة الإمارات في مجال مكافحة جريمة الاتجار بالبشر أهمية بالغة، في ظل التحديات المعقدة التي تطرحها هذه الجريمة على الصعيدين المحلي والدولي. وتقدم حملة «متحدون ضد الاتجار بالبشر» منصة توعوية متميزة من خلال تطوير محتوى إعلامي تثقيفي ونشره عبر وسائل التواصل الاجتماعي، بهدف زيادة وعي الجمهور بشأن مخاطر الاتجار بالبشر والأطفال، وأشكاله، وأهمية إدراك مؤشرات هذه الجريمة، وتعريف الناس بإجراءات السلامة اللازمة، وتعزيز المسؤولية المجتمعية في الإبلاغ عن هذه الجرائم، بالإضافة إلى التعريف بجهات الإبلاغ المتاحة.
ومما لا شك فيه أن حملة «متحدون ضد الاتجار بالبشر»، تُسلط الضوء على التزام الدولة بخطة اللجنة الوطنية لمكافحة الاتجار بالبشر (2022 - 2024)، التي تنبثق عن استراتيجية الدولة الشاملة للقضاء على جريمة الاتجار بالبشر، التي تقوم على خمس ركائز أساسية تشمل: الوقاية والمنع، والملاحقة القضائية، والعقاب، وحماية الضحايا، وتعزيز التعاون الدولي.
وقد حرصت دولة الإمارات، منذ عام 2006، الذي أطلقت فيه حملتها الوطنية ضدّ هذه الجريمة غير الإنسانية، على اتخاذ جملة من التدابير شملت إصدار القانون الاتحادي رقم (51) لعام 2006 في شأن مكافحة جرائم الاتّجار بالبشر وتعديلاته، والانضمام لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظَّمة، وللبروتوكول المكمِّل لها الخاص بحظْر وقمْع ومعاقبة الاتّجار بالأشخاص وخصوصاً النساء والأطفال، وإنشاء لجنة وطنية تعمل على تنسيق الجهود على المستويين الوطني والدولي، وتأسيس منظومة وطنية متكاملة لرعاية الضحايا، مروراً بتنفيذ العديد من مبادرات التوعية التي تستهدف الأشخاص الأكثر عرضة للاتِّجار بالبشر، وبناء قدرات الجهات الوطنية بالتعاون مع المجتمع الدولي والمنظمات الدولية المعنية في هذا الإطار.
كما شهدت البنية التشريعية لدولة الإمارات العربية المتحدة إصلاحات محورية، أهمها إصدار القانون الاتحادي رقم (33) لسنة 2021 في شأن تنظيم علاقات العمل، الذي نصَّ صراحة على تجريم العمل الجبري ووضَع نظُماً وسياساتٍ مُحكمة تعمل على حماية حقوق العمال، وهو ما يضمن بيئة عمل إنسانية تحميهم من الوقوع في شبكات عصابات الاتّجار بالبشر.
وفي توضيح لجهود الدولة على المستويين المحلي والعالمي، أكد معالي عبدالله بن سلطان بن عواد النعيمي، وزير العدل، سعي دولة الإمارات للقضاء على جريمة الاتجار بالبشر في إطار احترام مبادئ حقوق الإنسان والمواثيق الدولية، وأشار معاليه إلى أن تطور أنماط الأنشطة الإجرامية على مستوى العالم، يُحتم علينا بناء جسور تعاون قوية بين الجهات المعنية، الوطنية منها والدولية، ودعمها بوسائل التكنولوجيا الحديثة لتعزيز منظومتنا بالمرونة اللازمة لمواجهة هذه الجريمة.
وفي الواقع، فإن دولة الإمارات قد نجحت في توظيف أدوات التكنولوجيا الحديثة في نشر الحملات ورسائل التوعية بشأن خطورة جريمة الاتجار بالبشر، وقد أدت هذه الأدوات دوراً بارزاً في تعزيز وتطوير جهود الدولة ومساعيها نحو توظيف الإمكانات التي توفّرها لتسهيل عملية التواصل مع الشركاء، في جميع القطاعات الحكومية والخاصة والمجتمع المدني، بهدف استدامة الجهود في مجال مكافحة هذه الجريمة التي تمسُّ كرامة الإنسان.
إن إطلاق «هيئة الرعاية الأسرية» حملة «متحدون ضد الاتجار بالبشر»، يمثل دليلاً إضافيّاً على جهود دولة الإمارات المستمرة في مجال مكافحة جريمة الاتجار بالبشر، وهو ما يعكس في الوقت نفسه وجهها الإنساني الناصع وحرصها الراسخ على كرامة الإنسان وحقوقه الأساسية.
*صادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.