في خطوة تؤكد مكانة دولة الإمارات العربية المتحدة كوجهة رائدة عالمياً في مجال الرعاية الصحية والابتكار الطبي، أعلن مستشفى كليفلاند كلينك أبوظبي، عن نجاحه في إجراء أول عملية زراعة كلية روبوتية متزامنة للمتبرع والمتلقي باستخدام روبوت واحد. هذا الإنجاز الطبي الفريد، الذي جرى تنفيذه في 20 أغسطس 2024، يعد خطوة نوعية في مجال زراعة الأعضاء وتطبيقات الجراحة الروبوتية على مستوى العالم.

تميزت العملية الجراحية بتعقيدها وحداثتها، حيث تطلبت تنسيقًا دقيقًا بين فريقين جراحييْن يعملان في غرفتي عمليات منفصلتين، مستخدمين روبوتاً واحداً لإجراء العملية لكل من المتبرع والمتلقي. وقد أجريت العملية لمواطنيْن إماراتييْن، حيث كان المتلقي يعاني فشلًا كلويًّا في مراحله الأخيرة، وقد استخدم الفريق الطبي نظاماً روبوتياً متطوراً يحاكي حركات الجراحين بدقة عالية، مما أتاح إجراء العملية بأقل قدر من التدخل الجراحي. تكمن أهمية هذه التقنية المتقدمة في قدرتها على تقديم العديد من الخدمات للمرضى مقارنة بالجراحات التقليدية، فهي تتيح للأطباء إجراء العمليات عبر شقوق أصغر، مما يؤدي إلى تقليل فقدان الدم أثناء العملية، وتعزيز دقة الإجراء الجراحي، وتقليص الندبات الناتجة عن الجراحة، فضلًا عن تسريع عملية التعافي بعد العملية. هذه المزايا تعني تحسيناً كبيراً في تجربة المريض وجودة الرعاية الصحية المقدمة، مما قد يشجع المزيد من الأشخاص على التبرع بالأعضاء نظراً لانخفاض المخاطر. وفي تحليل لأبعاد هذا الإنجاز، يمكن القول إنه يمثل نقطة تحول في مسيرة دولة الإمارات نحو الريادة في مجال التكنولوجيا الطبية المتقدمة.

فمن ناحية، يعكس هذا التطور الاستثمارات الضخمة التي قامت بها الدولة في البنية التحتية الصحية والتكنولوجيا المتطورة. ومن ناحية أخرى، يبرز قدرة الكوادر الطبية الإماراتية على مواكبة أحدث التطورات العالمية في مجال الجراحة الروبوتية.

وفي تعليقه على هذا الإنجاز، قال الدكتور راشد عبيد السويدي، المدير التنفيذي لقطاع القوى العاملة الصحية في دائرة الصحة - أبوظبي، إن القطاع الصحي في أبوظبي يشهد تقدماً ملحوظاً في ضمان صحة ورفاهية المرضى في الإمارة وخارجها وفقاً لأعلى المعايير العالمية، مضيفاً أن هذا الإنجاز الكبير في مجال زراعة الأعضاء قد تحقق بفضل البنية التحتية عالمية المستوى في أبوظبي والمهارات الاستثنائية للقوى العاملة في مجال الرعاية الصحية.

بينما أكَّد الدكتور جورج هبر، الرئيس التنفيذي لمستشفى كليفلاند كلينك أبوظبي، الذي قاد العملية بالتعاون مع فريق من الخبراء من كليفلاند كلينك في الولايات المتحدة، على أهمية التعاون الدولي في تحقيق مثل هذه الإنجازات الطبية، مشيراً إلى أن الشراكة مع كليفلاند كلينك في الولايات المتحدة تؤكد على التزامنا المشترك بدفع حدود الابتكار في جراحة زراعة الأعضاء وضمان توفر الخبرات عالمية المستوى للمرضى في أبوظبي والمنطقة.

ويهدف مستشفى كليفلاند كلينك أبوظبي إلى توسيع نطاق تطبيق التكنولوجيا الروبوتية لتشمل عمليات زراعة أعضاء أخرى، إذ يعد أول منشأة لزراعة الأعضاء المتعددة في دولة الإمارات. وقد أجرى سابقاً سبع عمليات جراحية ناجحة بمساعدة الروبوت للمتبرعين. هذا التراكم في الخبرة والنجاحات يشير إلى وجود منحنى تعلم إيجابي، حيث تتزايد قدرات الفريق الطبي وثقتهم في استخدام التقنيات الروبوتية مع كل عملية جديدة، ما يعزز بدوره أيضًا مكانة دولة الإمارات كوجهة للسياحة العلاجية. يمثل نجاح عملية زراعة الكلية المتزامنة باستخدام الروبوت خطوة مهمة في مسيرة دولة الإمارات نحو الريادة العالمية في مجال الرعاية الصحية والابتكار الطبي.

وهو يعكس التزامها بتوفير أحدث التقنيات والحلول الطبية المتقدمة لخدمة المواطنين والمقيمين على حد سواء. ومع استمرار التعاون بين المؤسسات الطبية المحلية والعالمية، تتطلع الإمارات إلى تحقيق المزيد من الإنجازات الرائدة في مجال الطب والتكنولوجيا الصحية، مما يعزز مكانتها كوجهة عالمية رائدة في مجال الرعاية الصحية المتقدمة.

* صادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.