يستمتع السُيّاح في مختلف البلدان بالمناظر الطبيعية والتسوق والاستجمام، وغيرها من جوانب السياحة الجاذبة، كالمنتجعات المائية والجبلية والأطعمة والتعارف بين الثقافات، وصولاً للطبابة. وبما أن البلدان، باختلاف الجغرافيا والطبيعة والمناخ، تزهو وتشتهر بمختلف الأشجار والنبتات والثمار والفواكه، فالكثير منها «البلدان» تجود لنا عبر تاريخها وتحولاتها بالمتاحف المتعددة والمختلفة، والتي أصبحت كالفاكهة مختلفة الطعم واللون، فهي «المتاحف» تخبرك وتحكي وتصور لك بشيء من المؤانسة والاستمتاع والاستفادة من أحوال وأوضاع وحياة وتحولات أمم وشعوب ومجتمعات وصناعات في شتى بقاع الأرض.
بانفراد وتميز بين مختلف المتاحف، يأتي متحف شركة فيليبس في مدينة آيندهوفن الهولندية، فالمتحف يحكي آثار صناعات أصبحت بين منقرضة أو متطورة في أشكال أخرى، حيث يصحبك المتحف في رحلة حول تاريخ مختلف الصناعات والسلع، فبين صناعة المصباح الكهربائي إلى التلفاز والراديو وأجهزة المناداة والتليفون يوجد اختراع شريط الكاسيت وتطوير الدسك المضغوط والذي يرجع لشركة فيليبس، والذي خلق تعاوناً حولهما مع شركة سوني اليابانية، ودخلت فيليبس مجال الألعاب الإلكترونية وتميزت بالأدوات المنزلية والكهربائية والشخصية مثل آلة الحلاقة والمكواة وغيرها كالمكنسة وأدوات المطبخ، وسترى في المتحف المنتجات الصحية الطبية القديمة وخاصة تصوير الأشعة السينية أو أكس، حقيقة المتحف يجمع لك قصة صناعات شركة مازالت عملاقة.
ومن مدينة آيندهوفن الهولندية إلى مدينة يورك البريطانية؛ فمدينة يورك العريقة تشتهر بوجود متحف للقطارات القديمة، وهذا الأمر ليس مستغرباً، فبريطانيا العظمى كانت صاحبة فضل للعالم في الكثير من الاختراعات، كما الحال في تطوير اختراع القطار وانتشاره عالمياً. وبعيداً عن الصناعة إلى لغة العالم الموسيقى، فبينما تحتضن ألمانيا متاحف متعددة وكثيرة، فإنها تنفرد باحتضان البيت الذي ولد فيه أحد أشهر الموسيقيين في العالم «لودفيج فان بيتهوفن» عام 1770، فما زالت موسيقى بيتهوفن مستدامة إلى يومنا هذا، حيث هذا البيت أصبح محلاً ومقصداً للسياح، خاصةً أنهُ يقع عند أحد مداخل السوق الرئيسي لمدينة بون، وبالسوق أيضاً يوجد تمثال لبيتهوفن.
وقد تكون المتاحف محتفظة بصفحات من التعاون الطويل والثمين بين الدول، كحالة تاريخ التعاون بين الكويت والمملكة المتحدة، والذي انعكس في إنشاء متحف للطائرات العسكرية في المملكة المتحدة بالقرن الحالي، والذي يحتوي على طائرة قدمت من حاكم الكويت إلى بريطانيا العظمى إبان الحرب العالمية الثانية، كما أن متحف اللوفر ووجود جامعة السوربون في أبوظبي يعكسان مدى قوة وتنوع العلاقات الإماراتية الفرنسية.
ونختم مقالتنا في التحولات الاجتماعية والسياسية التاريخية، حيث يفتح لنا المتحف الأفريقي الأميركي الدولي في تشارلستون في ولاية ساوث كارولينا، قصص الكثير من الأميركيين من ذوي الأصول الأفريقية الذين ارتبطوا بأسواق العبيد سابقاً في تشارلستون، حيث كانت ترسو السفن التي جاءت بهم إلى أميركا الشمالية في القرنيين الماضيين، وفي المتحف هناك سرد لقصصهم المثيرة، كما أن المتحف يساعد المهتمين على تتبع شجرة النسل للكثير منهم.
*كاتب ومحلل سياسي