في غضون خمس سنوات تقريباً، سيعاني نصف سكان الولايات المتحدة من السمنة. إنها حقيقة مروعة - وتوبيخ مذهل لسياسات الرعاية الصحية في بلادنا.

والخبر السار أن فئة جديدة من أدوية إنقاص الوزن تشق طريقها أخيراً في مكافحة السمنة. أما النبأ السيئ، فهو أن نظام الرعاية الصحية الأميركي، «ميديكير» وبعض برامج المساعدة الطبية للفقراء «ميديسيد» لا تغطي الأدوية المضادة للسمنة. وهذا الخبر هو الأسوأ على الإطلاق بالنسبة للأميركيين من ذوي الأصول الأفريقية.

من العدل أن نقول: إذا كانت السمنة تسيطر على أميركا، فإن سيطرتها مميتة بالنسبة لأميركا السوداء. إذ يعاني ما يقرب من نصف الأميركيين من ذوي الأصول الأفريقية - بما في ذلك ما يقرب من 60% من النساء السود - من السمنة، مما يفتح الباب على مصراعيه لمئات الأمراض الأخرى ذات الصلة، بما في ذلك مرض السكري من النوع 2 وأمراض القلب والأوعية الدموية والسكتة الدماغية وارتفاع ضغط الدم. ولكن على الرغم من معدلات السمنة بين ذوي البشرة الملونة، والتي تتفوق بوضوح على معدلات السمنة بين الأميركيين البيض، فإن الحصول على الأدوية المضادة للسمنة لا يزال بعيد المنال بالنسبة لشرائح كبيرة من الأميركيين من ذوي الأصول الأفريقية، بما في ذلك ملايين حُرموا من الحصول عليها عبر برامج مثل ميديكير.

وغالباً ما يبدأ النقاش المحيط بمسألة التغطية التأمينية وينتهي بنفس العبارة: «إنها باهظة الثمن». ولكن دعوني أوضح: إن رفض برنامج ميديكير تغطية الأدوية الموصوفة لفقدان الوزن لا يتعلق بالتكلفة - بل يتعلق بالأولويات. وصحة الأميركيين السود ليست أولوية. على مدار تاريخه، كان برنامج ميديكير قادراً على تحمل تكلفة كل دواء معتمد تقريباً على هذا الكوكب، وهذا هو الغرض الذي أنشئ البرنامج التأميني من أجله على وجه التحديد. وتتمتع مراكز الرعاية الصحية ميديكير وميديسيد بأدوات أكثر من أي وقت مضى لإدارة التكاليف.

وبموجب إعادة تصميم الجزء «د» من برنامج ميديكير بموجب قانون خفض التضخم، والذي يغطي تكلفة الأدوية الموصوفة ويدخل حيز التنفيذ العام المقبل، من المتوقع أن توفر الحكومة مئات المليارات من الدولارات على مدى العقد المقبل. الشيء الوحيد الذي يعتبر «مكلفاً للغاية» هو الوضع الراهن. فقد بلغت التكلفة الإجمالية للأمراض المزمنة الناجمة عن السمنة 1.72 تريليون دولار في عام 2016 - أكثر مما أنفقته الحكومة الفيدرالية العام الماضي على برامج ميديكير وميديسيد، وبرنامج التأمين الصحي للأطفال، وإعانات التأمين الصحي في سوق قانون الرعاية الميسرة مجتمعة.

وسيستمر دافعو الضرائب في تحمل التكاليف المرتفعة في المستقبل، حيث من المتوقع أن يبلغ الإنفاق على برامج الرعاية الطبية «ميديكير و«ميديسيد» للسمنة والأمراض المرتبطة بالسمنة 4.1 تريليون دولار على مدى السنوات العشر المقبلة. كيف يمكن لمرض واحد أن يكون له مثل هذا التأثير الهائل على الاقتصاد؟ الجواب بسيط: السمنة ليست مرضاً واحداً. السمنة هي السبب الجذري والمحرك لمئات الحالات المزمنة الأخرى المكلفة، مثل أمراض القلب والأوعية الدموية ومرض السكري من النوع 2 - كل منها يتطلب علاجات وأدوية مختلفة، ولكل منها يتحمل برنامج ميديكير التكاليف. لذلك بدلاً من دفع تكاليف علاج السمنة الكامنة - ومنع ظهور المزيد من الأمراض – يلزم أن تتفاقم حالتك المرضية قبل أن يتحمل برنامج ميديكير تكاليف علاج السمنة. إن الأمر أشبه برفض دفع ثمن تغيير زيت سيارتك اليوم، مما يستلزم استبدال محركك بالكامل غداً.

ومع خروج السمنة وتكاليفها عن السيطرة، فإن الانتظار حتى تسوء الحالة قبل تقديم العلاج هو التعريف الحقيقي لـ«التكلفة الباهظة». يتوقع الباحثون في مركز شايفر بجامعة جنوب كاليفورنيا أن توفر تغطية علاجات السمنة الجديدة 175 مليار دولار لبرنامج ميديكير في السنوات العشر الأولى وحدها. ورسالتهم إلى ميديكير واضحة: الاستثمار في الوقاية من الأمراض التي تنتج عن السمنة.

وتمتد التأثيرات بشكل ملحوظ عبر أميركا السوداء. في عام 2023، تلقى البالغون من ذوي الأصول الأفريقية حوالي 12% فقط من الوصفات الطبية لدواء شائع مضاد للسمنة، بينما تم صرف 85% من الوصفات الطبية للأشخاص البيض - مما يسلط الضوء على الفوارق العرقية الصارخة التي تستمر في حرمان الأميركيين السود من النتائج الصحية الإيجابية. برامج الصحة العامة مثل برنامج الرعاية الصحية (ميديكير) الذي ينادي بالنضال من أجل تعزيز المساواة باعتبارها من بين أهم مهامه لديها الفرصة لإطلاق العنان لظروف صحية محسنة بشكل كبير لملايين البشر الذين وقعوا في مرمى نيران وباء السمنة. وهذا لا يعني أننا لا ينبغي لنا أن ندرس التكاليف والآثار الأوسع نطاقاً عبر كل المجتمعات والقطاعات.

ولكن المناقشة الحالية المحيطة بتغطية برنامج ميديكير لأدوية السمنة تفشل في النظر في شدة الوضع الحالي. ويجب أن يعترف برنامج ميدكير بالتكاليف المالية والبشرية المترتبة على ذلك. وهذا يعني النظر في ما إذا كان تحسين النتائج الصحية للمجتمعات المحرومة تاريخياً، والتي أهملها نظام الرعاية الصحية لدينا يفوق جزءاً من الإنفاق المالي. إننا في احتياج إلى أن يتحد قادتنا المنتخبون، ومسؤولو الصحة العامة، وكل صانعي السياسات على المستوى الفيدرالي والمحلي (على مستروى كل ولاية أميركية) في مهمة محددة ومتعمدة لتحقيق المساواة الصحية في المعركة ضد السمنة. ولابد وأن يبدأ هذا بتحديد معيار أعلى وأكثر إنصافاً للوصول إلى سلسلة كاملة من الرعاية الخاصة بالسمنة لجميع الأميركيين.

آل شاربتون

* سياسي وناشط في الحقوق المدنية. 

ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست لايسنج آند سينديكيشن»