يقترب «الديمقراطيون» من مؤتمرهم، وهم على وعي بالقضايا الأساسية العديدة المطروحة في هذه الانتخابات. فهناك قلق عميق بشأن ما قد تعنيه إدارة ثانية لترامب بالنسبة لحقوق المرأة، والحقوق المدنية، وحماية البيئة، وسياسة الهجرة، والخطاب المدني، وأساس نظامنا الديمقراطي. وقد نوقشت هذه القضايا، وغيرها بإسهاب في برنامج الحزب «الديمقراطي» لهذا العام، وسيتناولها المتحدثون في كلماتهم في المؤتمر.
أمّا ما لن يناقش، فهي حرب غزة، والتآكل المستمر لحقوق الفلسطينيين في الأراضي المحتلة، والدور الذي تلعبه الولايات المتحدة في دعم انتهاكات إسرائيل للقانون الدولي والتشريعات الأميركية لحقوق الإنسان. ولأن هذه المواضيع يجب أن تناقش، ولكنها لن تناقش، سيستضيف «المعهد العربي الأميركي»، بالتعاون مع منظمة يقودها القس جيسي جاكسون، وغيرها من المنظمات التقدمية البارزة، 3 أيام من البرامج قبل بدء الأشغال الرسمية للمؤتمر. أما الموضوعات التي سيتم تناولها خلال هذه الفعاليات التي ينظمها «المعهد العربي الأميركي»، فهي:
«دور المال المظلم في السياسة»: سنناقش كيف أنفقت المنظمات المؤيدة لإسرائيل أكثر من 35 مليون دولار هذا العام من أجل تشويه سمعة عضوين تقدميين من السود يدافعان عن حقوق الفلسطينيين وهزمهما في الكونجرس الأميركي. ويمثّل المال المظلم مصدر قلق متزايد منذ الدورات الانتخابية الثلاث الماضية. وقد حاولنا مرتين، في اجتماعات الحزب «الديمقراطي»، تمرير قرارات تحظر استخدامه في الانتخابات التمهيدية، ولكن قادة الحزب كانوا يرفضون مجرد مناقشة هذا الموضوع. والحال انه إذا تُركت مشكلة المال المظلم من دون تقنين، فإن مشكلة المال المظلم ستكبر وتتفاقم، ولن يمر وقت طويل قبل أن تحاول ليس المنظمات المؤيدة لإسرائيل فقط، ولكن أيضاً جماعات المصالح الخاصة الأخرى (مثل شركات الأدوية الكبرى والبنوك والتأمين الصحي وغيرها)، استغلال الثغرة التي تسمح بإغراق انتخاباتنا بمبالغ غير محدودة من المال.
«دور الكونجرس في رعاية تشريعات تُسكت حرية التعبير»: فمع احتدام الجدل السياسي الأميركي حول إسرائيل/فلسطين، تعمل المنظمات المؤيدة لإسرائيل مع بعض أعضاء الكونجرس والمشرّعين في الولايات المتحدة على إسكات الأصوات ومعاقبة الأفعال التي تنتقد إسرائيل. ومن خلال توسيع تعريف معاداة السامية لتشمل معظم الانتقادات الموجهة لإسرائيل، وحرمان الأميركيين من الحق في مقاطعة أي بلد أو الدعوة إلى فرض عقوبات عليه لأي سبب من الأسباب، يجري حالياً تقييد حرية التعبير أو حرمانها تماماً. وفي هذا الإطار، أقرت أكثر من 30 ولاية هذه القوانين، هذا في وقت ينكب فيه الكونجرس حالياً على مناقشة تشريع من شأنه أن يخلط بين انتقاد إسرائيل ومعاداة السامية، ويفرض على الجامعات والمؤسسات الأخرى التي تتلقى أموالاً فيدرالية إنشاء آليات التنفيذ.
«أصوات الفلسطينيين التي يجب أن تُسمع»: بعد أن قُتل 40 ألف فلسطيني، ودُمرت معظم غزة، وباتت المجاعة تلوح في الأفق، ينبغي للديمقراطيين الاستماع إلى الفلسطينيين والإصغاء إليهم. وإذا لم يقم المؤتمر بدعوتهم، فإنهم سيكونون حاضرين في فعالية «المعهد العربي الأميركي» ليحكوا قصتهم.
«بحث ما لم يتضمنه برنامج الحزب الديمقراطي». يخوض العرب الأميركيون والمهتمون بالعدالة في الشرق الأوسط معارك من أجل تشكيل مواقف الأحزاب السياسية من إسرائيل/فلسطين. وسنقوم – في المعهد العربي الأميركي -- بإلقاء نظرة على ما تغير وما لم يتغير خلال العقود الأربعة الماضية. وعلى سبيل المثال، لم نكن نستطيع قبل 40 عاماً وضع كلمة «الفلسطينيين» في البرنامج الانتخابي. أما اليوم، فهي موجودة في برنامج «الديمقراطيين»، ولكن برنامج أي من الحزبين لا يتضمن كلمة احتلال أو أي انتقاد للسياسات الإسرائيلية، وهذا يجب أن يتغيّر.
«الدور الذي تلعبه الحرب على غزة في تغيير الرأي العام وتأثيره على مستقبل الحزب الديمقراطي»: أصبحت حرب التي تشنّها إسرائيل على غزة محوريةً في أجندة التقدميين في الحزب «الديمقراطي». وتُظهر استطلاعات الرأي أن أغلبية «الديمقراطيين» يعارضون طريقة خوض إسرائيل للحرب في غزة، ويرغبون في وقف إطلاق النار، وتقييد المساعدات الأميركية لإسرائيل، ويدعمون العدالة وحقوق الفلسطينيين. ويقف وراء هذه الأرقام بشكل رئيس الناخبون الشباب، والمنظمات اليهودية التقدمية، والأميركيون السود، واللاتينيون، والآسيويون، والعرب الأميركيون، وجميعهم مهمون لانتصارات «الديمقراطيين.
وفضلاً عن فعالية المعهد التي ستستمر ثلاثة أيام، ستستضيف منظماتٌ أخرى تسعى للضغط على المؤسسة حتى تغيّر اتجاهها في مجموعة متنوعة من القضايا المهمة فعالياتٍ أخرى. غير أن فعالية المعهد تظل الوحيدة التي ستتحدى الحزب من أجل مواجهة «المشكلة البديهية»، ألا وهي: دعمنا المطلق لإسرائيل في حرب الإبادة الجماعية التي تشنّها على الفلسطينيين بلا هوادة. إنها قضية يريد غالبية «الديمقراطيين» من الحزب مناقشتها، وسياسة يريدون من الإدارة الأميركية تغييرها.
*رئيس المعهد العربي الأميركي- واشنطن