= وقف الإبادة انتصار تاريخي تتجدد ذكراه في«كويبوهورا» أو يوم التحرير 

=البنك الدولي: رواندا الاقتصاد الأسرع نمواً في شرق أفريقيا 

= خلال الربع الأول من 2024 نما اقتصاد رواندا بنسبة 9.7% 

= الوجهة الأكثر قدرة على استقطاب رجال الأعمال في القارة السمراء 

= بوابة مهمة للصادرات الإماراتية إلى منطقة البحيرات العظمى الأفريقية

= نموذج أفريقي نادر في التحول الرقمي والتنمية المستدامة

أدى الرئيس الرواندي بول كاغامي يوم 11 أغسطس 2024، اليمين الدستورية لولاية رابعة مدتها خمس سنوات بعد فوزه بغالبية ساحقة في انتخابات الرئاسة التي جرت الشهر الماضي. 

  • بول كاغامي وعقيلته أثناء حفل التنصيب. (رويترز)

وتعهد كاغامي، في خطاب خلال مراسم التنصيب التي حضرها عدد من رؤساء الدول الأفريقية بـ«المحافظة على السلام والسيادة الوطنية وتعزيز الأمن الوطني». وكانت الذكرى الثلاثون لتحرير رواندا من مرتكبي الإبادة الجماعية ضد «التوتسي» قد حلت في 4 يوليو الماضي، وعادة ما يخصص هذا البلد الواقع شرق أفريقيا 4 أشهر (من 4 أبريل إلى 7 يوليو) للتذكير، كل عام، بمأساة راح ضحيتها مليون من التوتسي، خلال 100 يوم عام 1994.  رواندا استطاعت النهوض من جديد، وها هي بعد 30 عاماً من المأساة، تفتخر بتجربتها التنموية، وبنجاحها في المضي قدماً على مسارات التطوير والنمو الاقتصادي.

  • هندسة التحول نحو الازدهار

تزامن الاحتفال بالذكرى الثلاثين لتحرير رواندا، بإعادة انتخاب الشعب الرواندي للرئيس بول كاغامي الذي حقق فوزاً ساحقاً بأكثر من 99 في المائة. فوز وصفه جون ميرينجيه، سفير رواندا في دولة الإمارات العربية المتحدة، بأنه يعكس دعماً ساحقاً للرئيس كاغامي وللحزب الحاكم، «الجبهة الوطنية الرواندية»، مؤكداً، من أبوظبي يوم 25 يوليو الماضي، خلال احتفال بلاده بالذكرى الثلاثين للتحرير وبحضور لافت لدبلوماسيين وأصدقاء رواندا والجالية الرواندية في دولة الإمارات العربية المتحدة، أن الفوز في الانتخابات شهادة على الثقة التي وضعت في القيادة ورؤيتها الواضحة للمستقبل، حيث نجح كاغامي في هندسة التحول الملحوظ في رواندا، لتصبح بعد ثلاثين عاماً بلداً موحداً وآمناً ومزدهراً وله مستقبل طَموح.  أكد «ميرينجيه» أن رواندا بقيادة كاغامي أوقفت الإبادة الجماعية في انتصار تاريخي يتم الاحتفال به كل عام باسم تحرير رواندا، المعروف باسم «كويبوهورا» حسب لغة «كينيارواندا».

 قيمة السلام

 بول كاغامي ألقى في 4 يوليو خطاباً بمناسبة الذكرى الثلاثين للتحرير، أكد خلاله أن «رواندا تسعى إلى السلام من أجل أنفسنا، ومن أجل الجميع في منطقتنا. نحن نعرف قيمة السلام، مثل أي شخص آخر، وربما أكثر. وحيثما تكون هناك حاجة إلى العمل الإنساني، لن تغيب رواندا». كاغامي أكد إيمانه وثقته في دور الشباب في عملية التنمية، عندما خاطب الشباب، قائلاً: «يجدر بنا أن نكرر أن التحرير الحقيقي لا يبدأ إلا عندما تصمت المدافع. لقد بدأنا تلك المرحلة قبل ثلاثين عاماً، ونحن نعتمد عليكم، أنتم جيل التحرير، لتأخذونا إلى أبعد من ذلك».

 وحسب «ميرينجيه»، لطالما كان السلام والأمن على مدى العقود الثلاثة الماضية، حجر الأساس لاستقرار رواندا وتنميتها، مما جعلها ضمن أكثر البلدان أماناً على مستوى العالم. وفي الوقت نفسه، تواصل رواندا دعم جهود السلام العالمية من خلال الأمم المتحدة وبعثات الاتحاد الأفريقي لحفظ السلام، وكذلك من خلال الترتيبات الثنائية. 

  • منت
    منتتجع للغولف في العاصمة كيجالي.(الصورة من نيويورك تايمز)
     

 النمو الاقتصادي

 الاحتفال بالذكرى الثلاثين لتحرير رواندا فرصة لرصد حجم المنجز الاقتصادي خلال العقود الثلاثة الماضية، والتقدم الاجتماعي المثير للإعجاب في رواندا. فمن الناحية الاقتصادية، ارتفع الناتج المحلي الإجمالي لرواندا من 750 مليون دولار أميركي عام 1994 إلى 14 مليار دولار أميركي في عام 2023، ونما نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي من 125 دولاراً أميركياً إلى 1000 دولار أميركي خلال الفترة نفسها. 

وعلى الرغم من الصدمات الاقتصادية العالمية، يستمر اقتصاد رواندا في النمو، حيث حقق في 2023، نمواً بنسبة كبيرة بلغت 8.2%، متجاوزاً آنذاك توقعات الخبراء البالغة 6.2%. علاوة على ذلك، شهد اقتصاد رواندا نمواً ملحوظاً بنسبة 9.7% في الربع الأول من 2024. وفقاً لأحدث تقرير للبنك الدولي عن الآفاق الاقتصادية العالمية، من المتوقع أن تصبح رواندا الاقتصاد الأسرع نمواً في شرق أفريقيا، بمعدل نمو متوقع مثير للإعجاب يبلغ 7.6% لعام 2024. 

وتتطلع رواندا للمستقبل عبر رؤى طموحة لعام 2050، التي أشار إليها «ميرينجيه» خلال الاحتفال، موضحاً أنها تسعى إلى جعل رواندا، من خلال شبابها القادر على اكتساب المهارات والتقنيات الجديدة، بلداً من الشريحة العليا من البلدان المتوسطة الدخل بحلول عام 2035 وبلدا مرتفع الدخل بحلول عام 2050.

 علاقات قوية 

بدأت العلاقات بين الإمارات ورواندا عام 1995، وتعززت عام 2015 بتدشين سفارة رواندا في أبوظبي وقنصلية في دبي، ودشنت الإمارات سفارتها بالعاصمة كيجالي عام 2018، ويتبادل الطرفان الزيارات رفعية المستوى، ومن أهمها زيارة بول كاغامي للإمارات في يونيو 2022. 

وتُعد رواندا بوابة مهمة للصادرات الإماراتية إلى منطقة البحيرات العظمى الأفريقية، وتحظى ببيئة جاذبة للاستثمار، بما لديها من تجربة نادرة في القارة الأفريقية من حيث الاستقرار السياسي والتحول الرقمي والتنمية المستدامة، ما جعلها الوجهة الأكثر قدرة على استقطاب رجال الأعمال في القارة السمراء. قيم مشتركة العلاقات الثنائية بين الإمارات ورواندا تنمو وتزدهر، وأكد «ميرينجيه» أن الإمارات، في ظل القيادة الرشيدة لصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، شريك قوي في مسيرة التنمية لرواندا، ولدى البلدين قيم مشتركة لنموذج حكومي شامل يركز على المواطن.

  • ميرينجيه خلال الذكرى الثلاثين للتحرير.

 وأشار «ميرينجيه» إلى أن العلاقات الثنائية القوية بين البلدين تتعزز بزيارات حكومية رسمية رفيعة المستوى من كلا الجانبين، مما أدى إلى توقيع أكثر من 15 مذكرة تفاهم تعاون في مجالات: الأمن والاقتصاد والمالية والتكنولوجيا على سبيل المثال لا الحصر. 

نمو التجارة الثنائية 

دولة الإمارات العربية المتحدة أحد الشركاء التجاريين الرئيسيين لرواندا، حيث يتجاوز إجمالي التجارة الثنائية 1.3 مليار دولار أميركي في عام 2023، ارتفاعاً من 200 مليون دولار أميركي قبل عقد من الزمن، والإمارات العربية المتحدة أكبر شريك تصدير لرواندا في عام 2023، حيث 57% من إجمالي واردات رواندا تأتي من الإمارات. 

الاستثمارات المباشرة

 عن حجم الاستثمارات المباشرة من دولة الإمارات العربية المتحدة، يقول «ميرينجيه»: سجلت أكثر من 14 شركة إماراتية خلال العقد الماضي أعمالها في رواندا باستثمارات تجاوزت 320 مليون دولار أميركي. وفي عام 2023، تم تسجيل استثمارات بقيمة 138 مليون دولار أميركي من الإمارات العربية المتحدة، مما جعلها أحد المصادر الرئيسية للاستثمار الأجنبي المباشر إلى رواندا العام الماضي. وأبدى «ميرينجيه» تفاؤله بمستقبل العلاقات بين البلدين، مؤكداً أنه «من خلال العمل معاً، واستناداً إلى العلاقات الدافئة والودية بين بلدينا، تشير هذه الإنجازات إلى أفضل مستقبل مشترك، وإمكانات كبيرة للتعاون المستمر بين دولة الإمارات العربية المتحدة ورواندا».