تعيش دولة الإمارات العربية المتحدة حالة من استتباب الأمن والأمان على النحو الذي يظهر في احتلالها مراتب متقدمة بين الوجهات التي يرغب الناس من كل أنحاء العالم في العيش فيها. ويعود ذلك إلى أن الأمن كان دائماً في صدارة أولويات القيادة الرشيدة التي لا تدّخر جهداً في توفير أفضل ظروف الحياة لكل من يعيشون على أرضها.
وقد أكَّد صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، أن «توفير متطلبات الأمن والأمان وتعزيز آليات وقاية المجتمع مسؤولية مشتركة بين الجهات والأفراد كافة، وذلك عبر خلق ثقافة مجتمعية تؤصل لمساهمة الجميع في الحفاظ على الأمن والاستقرار»، مشيراً إلى أنه في ظل التحديات الأمنية المتسارعة، ورغم توافر الإمكانات المادية والبشرية لمواجهتها من الأجهزة المعنية، بات من الملح تضافر مختلف الجهود وتحقيق مشاركة فعالة من قبل الأفراد والمؤسسات كافة لتكون الطاقات والقدرات المجتمعية حافزاً إضافياً يعزز أداء المؤسسات وجهود الأجهزة الأمنية لتحقيق التدخل الوقائي والتصدي المبكر للأنشطة والممارسات غير المشروعة.
وفي هذا الإطار، لم يكن غريباً أن تحتل مدينة أبوظبي المركز الأول ضمن مؤشر قائمة المدن الأكثر أماناً على مستوى العالم للنصف الأول من عام 2024، وفقاً لتحديث جديد لمؤشر «معدلات الجريمة والأمن 2024» الصادر عن موقع «نومبيو»، والذي حافظت فيه أبوظبي على الصدارة في التصنيف الدولي منذ عام 2017. واحتلت رأس الخيمة ودبي وعجمان المراكز الثاني والخامس والسادس على الترتيب، لتكون دولة الإمارات هي الدولة التي تضم العدد الأكبر بين المدن الأكثر أماناً في العالم، متفوقة على كبريات الدول المتقدمة في الشرق والغرب، بما فيها الولايات المتحدة والكثير من دول القارة الأوروبية.
ومما لا شك فيه أن حالة الأمن والأمان، وحلول الدولة في المراكز الأولى في أبرز المؤشرات والتقارير الدولية في هذا المجال، إنما تستند إلى عوامل عِدة، منها: سيادة قيم التسامح والتعايش والإخاء المجتمعي، ورسوخ مبدأ العدالة وسيادة القانون واستقلال القضاء، بما يضمن العيش الكريم لمختلف فئات المجتمع، فضلاً عن تطور الأجهزة الشرطية في الدولة بشكل مذهل، وهو ما يتجسد في العديد من المؤشرات، ومنها تعزيز قدرات الشرطة بحلول الذكاء الاصطناعي و«بلوك تشين»، وغيرهما من التقنيات المتطورة الأخرى التي تُسهم في ترسيخ مفهوم الأمن الاستباقي، ودرء المخاطر والتحديات المستقبلية. ويضاف إلى ما سبق، التدريب المستدام والرفيع لمنتسبي الجهات الشرطية وتأهيلهم لمواجهة مختلف التحديات والمواقف، والعمل الجاد على إنجاز دراسات متخصصة تستهدف خفض معدلات الجريمة، وتعزيز الوعي المجتمعي بأهمية المحافظة على مستويات الأمن والأمان المُحققة.
وتبدو نتائج استتباب الأمن واضحة في تحقيق إنجازات كبيرة في مجالات أخرى. فعلى صعيد الجهود المبذولة لتطوير بيئة الأعمال وجذب الكفاءات للعيش على أرضها، حصدت دولة الإمارات مؤخراً المركز العاشر عالمياً بين 53 دولة كأفضل الوجهات للعيش والعمل، استناداً إلى جهودها للارتقاء بجودة الحياة وفرص العمل، وذلك وفقاً لتقرير «إكسبات إنسايدر» الصادر عن «شبكة إنترنيشنز العالمية»، وهو أكبر استطلاع في العالم لآراء المغتربين، حيث شارك فيه أكثر من 12 ألف وافد من جميع أنحاء العالم بأفكارهم وخبراتهم عن العيش والعمل في الخارج. وعلى مستوى التنافسية العالمية، فقد حققت دولة الإمارات قفزة جديدة في التقرير السنوي للتنافسية العالمية 2024، الصادر عن مركز التنافسية العالمي التابع للمعهد الدولي للتنمية الإدارية في مدينة لوزان السويسرية، متقدمة 3 مراتب إلى المركز الـ7 عالمياً، بعد الإنجاز الذي حققته في العام الماضي بدخولها قائمة الدول الـ 10 الكبار في التقرير، متقدمة على النرويج وأيسلندا، واليابان، وكندا، وفنلندا.
وهذه الإنجازات التي نفخر بها، والتي يؤدي فيها استتباب الأمن والشعور به دوراً مهمّاً، إنما تدعونا جميعاً إلى أن نكون على قدر المسؤولية المجتمعية التي يجب علينا تحمُّلها، وأن ندعم هذه المنظومة الآمنة ونحافظ عليها، لتظل الإمارات واحة للأمن والأمان، ووجهة مفضلة لكل من يقصدونها من مشارق الأرض ومغاربها بحثاً عن العيش الكريم.
*صادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.