يتصاعد التوتر في منطقة الشرق الأوسط، وبدا أن المنطقة على مشارف حرب إقليمية بعد ما شهدت عمليتي اغتيال استهدفتا قيادات بارزة في حركتي «حماس» و«حزب الله».
ففي طهران تم اغتيال إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» وفي ضاحية بيروت الجنوبية اغتيل القائد العسكري في حزب الله فؤاد شكر بغارة إسرائيلية، وأدت هاتان العمليتان إلى تصاعد حدة التوتر في المنطقة، مع تعهد كل من إيران و«حزب الله» بالانتقام، إذ هدد المرشد الأعلى للثورة آية الله علي خامنئي بالثأر، وفي بيروت توعد الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله بالثأر من إسرائيل لاغتيال فؤاد شكر. وتزايدت التكهنات من احتمال توسع رقعة المواجهة إلى احتمال الدخول في حرب مفتوحة في لبنان تكون ذريعة لحرب إقليمية شاملة.
منذ السابع من أكتوبر عمدت حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى توسيع نطاق الصراع بشكلٍ غير مسبوق وبشكل أكثر خطورة بأشواط من أي وقتٍ مضى، فسرعان ما اندلعت بؤر التوتر في مناطق أخرى من جنوب لبنان إلى البحر الأحمر إلى سوريا وإيران. «حزب الله» فتح جبهة على الحدود اللبنانية مرغماً إسرائيل على إخلاء مناطق سكانية في الشمال وفتح جبهة أخرى.
وفي نوفمبر 2023 بدأ «الحوثيون» في اليمن باستهداف السفن التجارية في البحر الأحمر التي يشك في ارتباطها بإسرائيل. وتحت راية الدفاع عن الفلسطينيين، استهدف الحوثيون طريقاً تجارياً عالمياً رئيسياً، فتعرض «الحوثيون» لهجوم إسرائيلي. وفي أبريل الماضي، ردت طهران على استهداف قنصليتها في دمشق بإطلاق مئات الصواريخ والمسيرات باتجاه إسرائيل دون أضرار تذكر. ولكن منذ البداية كان واضحاً أن طهران وواشنطن لا تريدان توسيع المواجهة، وأن طهران عملت على ضبط عمل فصائلها، في المقابل بدا جلياً أن واشنطن لم تكن قادرة على ضبط عدوانية نتنياهو، فيما إسرائيل ماضية بدفع المنطقة نحو المواجهة.
اغتيال «هنية» يعقد الجهود الرامية للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة وتأمين إطلاق سراح المحتجزين الإسرائيليين، خاصة وأن هنية كان من ضمن فريق التفاوض مما يعقد مسارات التفاوض. في الحقيقة عندما اتخذ نتنياهو قراراً بتصفية هنية وشكر، فإنه اتخذ قراراً وهو لديه الوعي بأن هكذا خطوة ستؤجج الصراع.
لنتانياهو ووزراء اليمين المتشدد في حكومته وحدهم لديهم مصلحة مباشرة في تمديد أمد الحرب لأطول فترةٍ ممكنة بغية تفادي محاسبة الرأي العام الإسرائيلي على إخفاقاته، فيما التصعيد يهدف إلى توريط الجيش الأمريكي حال الانزلاق إلى حرب مفتوحة. يحاول الدبلوماسيون من عرب وغرب احتواء التوتر ومنع الدفع بالمنطقة إلى حرب إقليمية في الشرق الأوسط، ولعل من المفارقات الواضحة أن أطرافاً قلة تريد صراعاً إقليمياً شاملاً وواسعَ النطاق في المنطقة، فالزخم يتصاعد ويتراكم لا سيما بسبب مقاربة واشنطن المضللة والتصريحات المتناقضة التي تصدرها حكومة مشغولة داخلياً بانتخابات رئاسية قادمة وبصراعات عسكرية في مناطق أخرى بدأت تفقد السيطرة على مجرياتها، حيث تبدو قدرة واشنطن على تشكيل وإدارة الأحداث محدودة للغاية.
ورغم ارتفاع أصوات طبول الحرب حاول البيت الأبيض التقليل من احتمالية نشوب حرب شاملة، إذ صرح جون كيربي، المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأميركي: «لا نعتقد أن التصعيد أمر حتمي، ولا توجد علامات على أن التصعيد وشيك».
*كاتبة إماراتية