تتمتع دولة الإمارات العربية المتحدة بقاعدة اقتصادية قوية، وقدرة على توجيه الاستثمارات إلى الأسواق الناشئة في مختلف مناطق العالم الواعدة، في إطار يضمن تحقيق الفوائد لكل الأطراف. ومن خلال توسيع الشراكات مع دول أميركا اللاتينية، تسعى دولة الإمارات إلى أهداف عدة، من بينها تنويع الأسواق وتقليل الاعتماد على الأسواق التقليدية في أوروبا وآسيا، من خلال فتح أسواق جديدة تعزز استقرار الاقتصاد الوطني وتوفر فرصاً للنمو المستدام.

وقد أشار صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، خلال جلسة مباحثات مشتركة مع غابرييل بوريك فونت، رئيس جمهورية تشيلي، عُقدت في 30 يونيو 2024، إلى الاهتمام الذي توليه دولة الإمارات لتعزيز علاقاتها مع دول أميركا اللاتينية، مؤكِّداً «امتلاك دولة الإمارات رؤية شاملة للتعاون مع هذه الدول، ترتكز على الجوانب التنموية، انطلاقاً من إيمان الدولة بأن التعاون والاستقرار هما الركيزة الأساسية لتحقيق التنمية، ومستقبل أكثر ازدهاراً واستدامة لجميع شعوب العالم».

وفي هذا الإطار، جاء توقيع اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة بين دولة الإمارات وجمهورية تشيلي، في 30 يوليو 2024، بحضور صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، وغابرييل بوريك فونت، الرئيس التشيلي. وتتمثل أهداف الاتفاقية في تحفيز التجارة البينية غير النفطية، عن طريق إلغاء أو تخفيض الرسوم على نحو 99.5% من قيمة واردات الإمارات من تشيلي، وإزالة الحواجز أمام التجارة، وتبسيط الإجراءات الجمركية، وتأسيس مسارات جديدة لتدفق الاستثمارات، والتعاون، وتوفير منصة للقطاع الخاص في الجانبين لبناء الشراكات. ويشير توقيع الاتفاقية مع تشيلي إلى التقدم بخطوات سريعة نحو علاقات أوسع بدول أميركا اللاتينية، إذ وقَّعت دولة الإمارات في 19 إبريل 2024، اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة مع جمهورية كولومبيا، لتعزيز العلاقات الاقتصادية القائمة، وقد حقَّقت التجارة البينية غير النفطية بين البلدين 553.1 مليون دولار، عام 2023، بزيادة قياسية نسبتها 43% مقارنة بعام 2022 وأكثر من ضعف الإجمالي المحقق عام 2021. ومن شأن توقيع الاتفاقية أن يُسهم في مضاعفة هذه الأرقام، خلال خمس سنوات بعد بدء تطبيقها. كذلك وقعت دولة الإمارات اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة مع كوستاريكا، في 18 إبريل 2024.

 

وكما هو شأن كولومبيا، فقد سجلت التجارة البينية غير النفطية بين دولة الإمارات وكوستاريكا عام 2023 زيادة بنحو 7% مقارنة بما كانت عليه عام 2022، و31% مقارنة بالأرقام المسجلة عام 2021.

وفي السياق نفسه، تتقدم دولة الإمارات نحو إبرام اتفاقية شاملة مع الإكوادور، بعد أن وقعت الدولتان في 24 إبريل الماضي إعلاناً مشتركاً أعربتا فيه عن نيتهما بدء مفاوضات حولها، وذلك في ظل الزيادة المطردة في التجارة الثنائية غير النفطية بينهما، حيث وصل حجمها عام 2023 إلى 675 مليون دولار، بزيادة تبلغ 76% قياساً إلى عام 2022، وأكثر من ثلاثة أضعاف حجمها عام 2021، إضافة إلى استثمار موانئ دبي العالمية في مشروع ميناء بوسورجا وهو أكبر استثمار خاص في الإكوادور حالياً بقيمة 1.2 مليار دولار. وتحتل البرازيل، التي تمتلك أكبر اقتصاد في أميركا الجنوبية، أهمية خاصة لدى دولة الإمارات، حيث وصلت قيمة التجارة غير النفطية بين البلدين إلى 4.3 مليار دولار في 2023، بنمو قدره 42.1% قياساً إلى عام 2022.

كما تُعتبر البرازيل أكبر مستقبل للصادرات الإماراتية في أميركا الجنوبية، وثاني أكبر شريك تجاري في الأميركيّتين بعد الولايات المتحدة. وإلى جانب ذلك، فقد التزمت دولة الإمارات بدعم الاقتصاد البرازيلي بما يزيد على 5 مليارات دولار من الاستثمارات. وتأتي هذه الاتفاقيات الاقتصادية في سياق أوسع، يتضمن أشكالاً مختلفة من التعاون في الجوانب السياسية والاجتماعية والثقافية، على النحو الذي يُجسِّد مكانة دولة الإمارات وقدرتها على الامتداد بعلاقاتها إلى مختلف دول العالم ومناطقه، على النحو الذي يحقق المصالح المتبادلة ويُسهم في تحقيق المزيد من الاستقرار والرخاء والازدهار في كل مكان من العالم.

*صادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.