تجسيداً لرؤية القيادة الرشيدة في تحويل دولة الإمارات العربية المتحدة إلى مركز عالمي في تطوير الذكاء الاصطناعي وتبنِّي حلوله المتقدمة، أعلن معالي عمر بن سلطان العلماء، وزير دولة للذكاء الاصطناعي والاقتصاد الرقمي وتطبيقات العمل عن بعد، عبر منصة «إكس»، إطلاق «ميثاق تطوير واستخدام الذكاء الاصطناعي» والذي اعتمده أخيراً مجلس الوزراء برئاسة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله. ويهدف الميثاق، وفقاً لما عبَّر عنه معالي عمر بن سلطان العلماء، إلى «ترسيخ مبادئ ومقومات تطبيق أفضل نموذج للذكاء الاصطناعي في دولة الإمارات، وضمان مكانة دولة الإمارات العربية المتحدة في صدارة قيادة الوعي بأهمية الذكاء الاصطناعي وتطبيقاته، وتوفير ممكِّنات بيئة الذكاء الاصطناعي المزدهرة وفق أعلى معايير السلامة والخصوصية، وتحويل الدولة إلى مركز عالمي لتطوير وتبني حلول وتطبيقات الذكاء الاصطناعي في مختلف المجالات». ويؤكد إطلاق هذا الميثاق، كما أشار معالي عمر سلطان العلماء، تصدُّر دولة الإمارات للمبادرات العالمية الرائدة، والهادفة إلى تعزيز مستويات الوعي بأهمية الذكاء الاصطناعي وتطبيقاته، مع العمل على تعزيز منظومة شراكات دولة الإمارات مع الدول الأخرى المتقدمة حول العالم لصياغة المعايير الدولية للذكاء الاصطناعي، وبصورةٍ يمكن معها تأمين أقصى أشكال الحماية الممكنة للأفراد والمستخدمين والمجتمعات عند استخدام حلوله. ويأتي إطلاق الميثاق في فترة تتسارع فيها بالفعل ابتكارات الذكاء الاصطناعي حول العالم وتتنامى أهميته الاقتصادية، وتتنافس الدول في تسخير حلوله بصورة ترتقي معها مناحي الحياة ونشاطاتها المختلفة.
وبناء عليه، تتماشى المبادئ العامة للميثاق، وكما أكَّد عليه مكتب الذكاء الاصطناعي والاقتصاد الرقمي وتطبيقات العمل عن بُعد، مع مستهدفات استراتيجية الذكاء الاصطناعي في دولة الإمارات العربية المتحدة، والساعية إلى تحويل الدولة إلى مركز عالمي لتطوير الحلول والتطبيقات الذكية، وتبنّيها ضمن جميع المجالات الحيوية مثل التعليم والاقتصاد والصحة وتطوير الحكومة وسعادة المجتمع وغيرها، بحلول عام 2031.
وفي إطار تشكيل البيئة الملائمة استعداداً للتغييرات الكبيرة التي سيأتي بها الذكاء الاصطناعي، فإن مبادئ الميثاق تسعى إلى ضمان أن تكون تأثيراته إيجابيةً على المجتمع، مع التأكيد على أهمية تطوير تقنياته بصورة مسؤولة تمتثل دائماً للتشريعات والاتفاقيات السارية في الدولة، إضافة إلى تحقيق السلامة والعدالة والإنصاف والشمول في حلوله، وبما يؤكد إتاحة فوائدها للجميع. ويغطي الميثاق من خلال مبادئه العامة الموضوعات الأساسية في الذكاء الاصطناعي وقضاياه الرئيسة؛ فعلى سبيل المثال، يهدف أحدها إلى تعزيز العلاقة مستقبلاً بين الإنسان والذكاء الاصطناعي وبصورةٍ متناغمة ومفيدة، مع إيلاء أولوية لتطوير الحلول الذكية بما يحقق رفاهية الإنسان وتقدُّمه.
وعلى اعتبار السلامة أمراً بالغ الأهمية، فإن مبدأً آخر من مبادئ الميثاق يؤكد على أن تكون جميع الأنظمة الذكية متوافقة مع أعلى معايير السلامة، مع تشجيع تعديل الأنظمة ذات المخاطر أو حتى إزالتها إن لزم الأمر. ويركز أحد مبادئ الميثاق على ضرورة معالجة التحيُّز الذي قد تمثِّله خوارزميات الذكاء الاصطناعي، وبما يسهم في تأمين مخرجاتٍ عادلة للمجتمع وضمان فوائد متساوية لكل أفراده من دون إقصاء أو تمييز.
وفي مراعاة لواحدة من أهم المخاوف التي طُرحت بهذا الشأن، وكانت موضوعاً لكثير من النقاشات في مختلف الأوساط المعنية، يشدد أحد مبادئ الميثاق على أهمية الحفاظ على حقوق الخصوصية عند تطوير الذكاء الاصطناعي، وبما يتوافق مع توجهات دولة الإمارات في ضمان الخصوصية لكل من هم على أرضها.
إن إطلاق دولة الإمارات ميثاق تطوير واستخدام الذكاء الاصطناعي يؤكِّد قيمة الإنجازات النوعية التي تسعى الدولة، بتوجيهات القيادة الرشيدة، حفظها الله، إلى تحقيقها في موضوعات كالتكنولوجيا عميقة الأثر في حياة الإنسانية في الحاضر والمستقبل؛ وذلك في استباق تحدياتها المحتملة واستشراف مساراتها التي تسمح مستقبلاً بتسخيرها بصورةٍ سليمة لبناء مجتمع معرفي يرتقي إلى مستويات أكثر الدول تقدُّماً.
*صادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.