هل اختار دونالد ترامب الرجل الخطأ ليكون مرشحه لمنصب نائب الرئيس في الانتخابات الرئاسية في نوفمبر المقبل؟ لقد اختار ترامب السيناتور «جيه دي فانس» (من أوهايو) مباشرةً بعد نجاته المعجزة من رصاصة قاتلة في الثالث عشر من يوليو المنصرم في بنسلفانيا. تاريخياً، يتم اختيار نائب الرئيس في النظام السياسي الأميركي لسببين، أولاً، ليكونوا قادرين على تولي المهام الهائلة للمنصب في حالة حدوث أي طارئ، مؤقت أو دائم، يمنع الرئيس من الوفاء بدوره كقائد للبلاد.
وقد كان الموت أو العجز أو الاستقالة سبباً لمثل هذه الخلافة في الماضي. والسبب الثاني وراء اختيار نائب الرئيس هو «موازنة التذكرة الانتخابية» وجعل الفريق الذي يسعى إلى الانتخابات أكثر جاذبيةً لمجموعة أوسع من الناخبين.
اختار «جون إف كينيدي» لمنصب نائب الرئيس «ليندون بي جونسون» بسبب فعالية هذا الأخير وكونه أحد سياسييي تكساس نشاطاً وشهرةً. واختار «جورج دبليو بوش» السيناتور «دان كويل» لأنه كان مرشحاً أصغر سناً وأكثر محافظة.
واختار «جون ماكين» «سارة بالين»، حاكمة ألاسكا، لأنها كانت تروق للنساء المحافظات وللناخبين المسيحيين الإنجيليين. وكان من المتوقع أن يقع اختيار ترامب على «فانس» لأنه شاب، حيث يبلغ من العمر 39 عاماً، ولأنه يحظى بشعبية بين قاعدة ترامب. لكن فانس لم يكن لديه أي خبرة تنفيذية ويعتبره الكثيرون أكثر يمينية من ترامب نفسه. وقد قيل لترامب إن الخيار الأكثر أماناً هو أن يكون نائبه حاكماً وسطياً مثل «دوج بورجوم» (من داكوتا الشمالية)، أو السناتور «ماركو روبيو» (من فلوريدا)، والذي لديه خلفية كوبية ويمكنه جذب تصويت اللاتينيين المهمين.
لكن يُعتقد أن ترامب قد خاطر باختيار فانس لأن الرئيس جو بايدن كان ضعيفاً وكان «الجمهوريون» واثقين من قدرتهم على الفوز بالبيت الأبيض، ربما بانتصار ساحق. لكن في يوم الحادي والعشرين من يوليو، انسحب بايدن من السباق، وفي ليلة واحدة تجمع «الديمقراطيون» حول نائبة الرئيس كامالا هاريس وتغيرت ديناميكيات الحملة بشكل جذري.
وتزامن هذا مع عدد من التصريحات التي أدلى بها «جيه دي فانس» في الماضي القريب، والتي اشتمل بعضها على إهانات للنساء اللاتي لم ينجبن أطفالاً، إذ قال وفي نوفمبر 2020، في إحدى حلقات البودكاست، إن النساء اللاتي ليس لديهن أطفال في الطبقة القيادية «أكثر اضطراباً اجتماعياً» من أولئك اللاتي لديهن أطفال، وهذا يجعلهن «أقل استقراراً عقلياً». وفي إشارة إلى «سيدات القطط اللاتي ليس لديهن أطفال» (سيدات القطط هن اللائي آثرن عدم إنجاب أطفال)، كان يشير إلى كامالا هاريس المتزوجة ولكن ليس لديها أطفال، وإن كانت لديها ابنتان بالتبني. وتحدّث فانس لصالح سياسات مناهضة الإجهاض القاسية بما في ذلك جعل الإجهاض جريمة فيدرالية.
وهذا من شأنه أن يجعل من غير القانوني للنساء السفر عبر البلاد إلى الولايات التي تقدم قوانين أكثر ليبرالية فيما يتعلق بصحة المرأة الإنجابية. وكان تدفق الانتقادات ضد فانس غير عادي ولم يتمكن من احتواء التقارير الجديدة حول انتقاداته السابقة لترامب، بما في ذلك التعليقات اللاذعة من زوجته قبل أن يصبحا مفتونين بسياسات الرئيس السابق. وقد زعم المنتقدون أن الإعجاب الجديد بترامب هو قرار زوجين طموحين للغاية. فهل يستطيع ترامب أن يطرد فانس في هذه المرحلة المتأخرة من الحملة؟ أم أن فانس قد يستقيل مدركاً أنه أصبح الآن عبئاً على التذكرة الانتخابية لترامب؟ هذه خيارات غير محتملة، لكن بالنظر إلى الأحداث غير العادية لهذه الحملة، لا يمكن استبعاد أي شيء.
يتعين على «الجمهوريين» أن يأملوا في أن ينتهي «شهر العسل» الحالي الذي يحيط بهاريس قريباً وأن التصريحات التي أدلت بها في الماضي ستطاردها، بما في ذلك آراؤها حول العديد من القضايا الاجتماعية والعرقية التي توصف بالتطرف وبأنها تقع إلى أقصى اليسار من جو بايدن. قد يكون الأمر كذلك، لكن هاريس هي أيضاً الناقدة الرائدة ضد سياسة «الجمهوريين» المناهضة للإجهاض والتي تُظهر جميع استطلاعات الرأي أنها غير شعبية للغاية لدى غالبية الأميركيين.
*مدير البرامج الاستراتيجية بمركز «ناشونال انترست» - واشنطن