منذ إعلان الرئيس جو بايدن يوم الأحد الماضي أنه لن يسعى لإعادة انتخابه، من الواضح بسبب السن، ما زلت أفكر في ردود الأفعال الازدرائية من قبل المرشح الجمهوري «دونالد ترامب» و«جيه دي فانس»، الذي اختاره ترامب نائباً له، تجاه أحد أصعب القرارات الشخصية التي يمكن أن يتخذها رئيس على الإطلاق وما ينم ذلك عن شخصيتيهما.

كتب ترامب على وسائل التواصل الاجتماعي يوم الاثنين الماضي «لقد اختار الديمقراطيون مرشحاً، جو بايدن، وخسر المناظرة بشكل فادح، ثم أصيب بالذعر، وارتكب خطأ تلو الآخر، وقيل له إنه لا يستطيع الفوز، وقرروا اختيار مرشح آخر، ربما هاريس». وأضاف لاحقاً، «لم ينتهِ الأمر بعد! غداً سيستيقظ جو بايدن وينسى أنه انسحب من السباق اليوم!».

ولكي لا يتفوق عليه رئيسه، كتب فانس على وسائل التواصل الاجتماعي: «كان جو بايدن أسوأ رئيس في حياتي، وكانت كامالا هاريس معه في كل خطوة على الطريق». كل ما كان عليهم قوله هو «لقد خدم الرئيس بايدن بلاده لمدة خمسة عقود وفي هذه اللحظة نشكره على هذه الخدمة. غداً تبدأ حملتنا ضد استبداله. نحن جاهزون لها».

أستطيع أن أؤكد لكم أن هذا هو ما كان بايدن ليقوله لو كان الوضع معكوساً؛ لأنه ليس متنمراً. لقد برزت شخصية بايدن الطيبة ليلة الأربعاء في خطابه المهيب الذي ألقاه في مكتب ريزولوت في المكتب البيضاوي (مكتب ريزولوت هو مكتب ضخم من نوع مكتب الشركاء صمم أول مرة في القرن التاسع عشر استخدمه سبعة رؤساء للولايات المتحدة كمكتب تنفيذي في المكتب البيضاوي بالبيت الأبيض)، والذي آثر فيه الوطن على الذات. وبينما كنت أشاهد وأستمع، تذكرت غداء تناولته معه في مايو 2022 في غرفة الطعام بجوار المكتب البيضاوي. وبعد أن انتهينا وكان يرافقني عبر مكتب ريزولوت، ذكرت له مشروع محو الأمية القرائية الذي كانت زوجتي «آن» تعكف عليه والذي اعتقدت أنه قد يثير اهتمام الدكتورة «جيل بايدن».

تحمس الرئيس تماماً للفكرة وقال، «دعنا نتصل بزوجتك. ما رقمها؟». ثم أخرج هاتفه المحمول من جيبه، وطلب الرقم وسلمه لي. قلت، «عزيزتي، لدي شخص هنا يريد التحدث معك». أجابت آن، «أنا في اجتماع. لا يمكنني التحدث الآن». «لا، لا، سترغبين في التحدث إليه. إنه الرئيس». ثم سلمت الهاتف إلى بايدن، الذي دخل معها في محادثة حول القراءة ومدى اهتمام زوجته بهذا الموضوع أيضاً. لقد شهدت سباقات رئاسية من قبل. ولكنني لاحظت فرقاً واحداً مع جو بايدن على مر السنين: وهو مدى استمتاعه الحقيقي بذلك، ومدى استمتاعه بالتحدث إلى أشخاص خارج فقاعته، ومنحهم فرصة لقول «لقد التقيت بالرئيس وتحدث معي!». لقد اكتسب هذا النوع من الكياسة واللطف بشكل طبيعي. وقد جلب له الفرح. ولا شك لدي في أن ردود الفعل السامة الأولى لترامب وفانس على استقالة بايدن جاءت بشكل طبيعي بالنسبة لهما أيضاً. أنا متأكد من أن هذه الاستقالة جلبت لهم الفرح. لكنها بالتأكيد تركتني أتساءل: ما خطبكم أيها الناس؟  

توماس فريدمان*

*كاتب أميركي.

ينشر بترتيب خاص مع خدمة «نيويورك تايمز»