منذ تأسيسها فتحت دولة الإمارات العربية المتحدة أبوابها لعشرات الملايين من كل أنحاء العالم، ليعملوا ويعيشوا فيها ويحيوا حياة كريمة آمنة، في بلد يضع احترام إنسانية الإنسان ضمن أهم أولوياته، انطلاقاً من قيم الإسلام السامية، ومن الموروث المجتمعي والتقاليد الراسخة فيه جيلاً بعد جيل.
كما وضعت دولة الإمارات إطاراً قوياً لحماية هذه القيم من خلال سنّ تشريعات وقوانين تصون حقوق المقيمين من مختلف جوانبها، وتُعاقب كل من يسيء إلى معتقداتهم أو دولهم أو ثقافاتهم أو أشخاصهم بأي صورة. وتتجلى أعلى صور التأكيد المستمر على تقدير دور المقيمين في دولة الإمارات في أحاديث صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، ففي أول كلمة لسموه بتاريخ 13 يوليو 2022، بعد توليه رئاسة الدولة، كانت الإشادة بدور المقيمين أحد أهم محاورها، حيث تكررت مرات عدة تأكيداً على أهميته، إذ قال سموه: «نثمن الدور الذي يقوم به المقيمون على أرض دولة الإمارات الذين يعتبرون الدولة بلدهم الثاني وإسهاماتهم المستمرة في البناء والتطوير منذ قيام دولة الإمارات».
وفي الكلمة ذاتها، قال سموه في إطار استعراضه جوانب قوة دولة الإمارات: «تمتلك دولة الإمارات ثروة متميزة من القوى العاملة الفتية والشابة.. وتشاركنا أكثر من 200 جنسية بفاعلية ونشاط في نمو اقتصادنا وتطوره». وفي 30 مارس 2022، وفي خضم احتدام أزمة كورونا، عبَّر صاحب السمو رئيس الدولة، حفظه الله، عن تأثره بما لمسه من مشاعر الوفاء لدولة الإمارات بقوله: «نفخر بمواقف المواطنين والمقيمين، ولنا الشرف بخدمتهم، ونعتز بأخوتنا المقيمين الذين نسعد بهم على أرضنا. قمة الوفاء حين نراهم يرددون النشيد الوطني الإماراتي في هذا الوقت الصعب.. نحن محظوظون بالجميع في وطننا».
وقبل يومين، أعاد صاحب السمو رئيس الدولة، حفظه الله، التذكير بالدور الإيجابي للمقيمين، مشيراً إلى أهمية الالتزام بقوانين الدولة، الذي يمثل ضرورة لا غنى عنها لأي مجتمع يحرص على الأمن والاستقرار لكل من يعيشون على أرضه، ولا يمكن التهاون إزاء المساس به، حيث قال، حفظه الله: «يعيش بيننا في دولة الإمارات أكثر من 200 جنسية يُسهم أفرادها معنا في تنمية هذا الوطن. التسامح والتعايش والالتزام بالقوانين والحفاظ على الأمن والأمان أسس متينة لمجتمعنا، ونتطلع إلى أن يلتزم بها كل من يعتبر الإمارات وطناً».
وتلزم الإشارة إلى أن الأغلبية الساحقة من المقيمين على أرض دولة الإمارات تُدرك واجباتها من منطلق محبة حقيقية لدولة الإمارات، ولما وجدوه على أرضها من احترام وحفظ لحقوقهم المادية والمعنوية معاً، وأن المقيمين يشاركون إخوانهم من مواطني الدولة حرصهم على تجنُّب ما يمكن أن يمس بأمنها، الذي ينعم بآثاره الإيجابية المواطنون والمقيمون على السواء، ويضمن للجميع استدامة الاستفادة من ثمار الإنجازات السياسية والاقتصادية التي تحققها دولة الإمارات كل يوم، وتفتح من خلالها الأبواب أمام مزيد من فرص العمل للمؤهلين من كل مكان في العالم.
وعلى الرغم مما سبق، تظل إعادة التذكير بمثل هذا الالتزام بالقانون ضرورية ومهمة، في ظل الاضطرابات التي تشهدها مناطق مختلفة من العالم، وانتشار الصراعات والمواجهات في دول يعيش أبناؤها ويعملون في دولة الإمارات آمنين على حياتهم وممتلكاتهم وفرص عملهم، لكنهم يبقون عرضة للتأثر السلبي بما يحدث في بلدانهم، والقيام بأفعال من شأنها المساس بأمن دولة الإمارات، وهو ما سيضع المتورطين في هذه الأفعال تحت طائلة القانون.
ومما تجدر الإشارة إليه أيضاً، أن التذكير بضرورة الالتزام بالقوانين، في حقيقته، حمايةٌ لمن لا يُقدِّرون عواقب أفعالهم، ولمن ينقادون تحت تأثير التعصُّب أو الغضب أو الحسابات الخاطئة إلى أفعال تضرُّ بهم وبأسرهم لا بدولة الإمارات، لأن الدولة قادرة على حفظ الأمن والأمان وإنفاذ القانون وعقاب المخطئين، لكنها تحاول دائماً قطع الطريق على التجاوزات، ومنع الأخطاء قبل حدوثها، وتجنُّب الوصول إلى مرحلة العقاب القانوني الذي تعبره حلاً أخيراً، لا يُفضَّل اللجوء إليه.
*صادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.