أدت الانتخابات العامة الأخيرة في المملكة المتحدة إلى تحول كبير في المشهد السياسي، حيث حقق حزب «العمال» فوزاً ساحقاً وبرز حزب «الإصلاح» في المملكة المتحدة كمنافس محتمل. وفي حين يُعزى نجاح حزب «العمال» إلى تراجع دعم «المحافظين»، فإن صعود حزب «الإصلاح» في المملكة المتحدة قد يشكل تهديداً لهيمنة حزب «العمال» في السنوات القادمة.
بقيادة نايجل فاراج، تمكن حزب «الإصلاح» في المملكة المتحدة، والذي كان يُعرف سابقاً باسم حزب البريكست، والذي غير اسمه في عام 2021، من تحقيق مكاسب كبيرة في الانتخابات الأخيرة، حيث حصل على أكثر من 4 ملايين صوت وأربعة مقاعد برلمانية. ساهم أداء الحزب القوي، وبشكل خاص في الدوائر الانتخابية التي صوتت لصالح الخروج من الاتحاد الأوروبي في استفتاء عام 2016، في تراجع دعم حزب «المحافظين»، حيث دفع حزب «الإصلاح» «المحافظين» إلى المركز الثالث، أو أسوأ في عدد من الدوائر الانتخابية. كان السبب الرئيسي وراء زيادة نسبة تأييد البريطانيين لحزب «الإصلاح» في المملكة هو وجوده في ما يقرب من ضعف عدد الدوائر الانتخابية مقارنة بسلفه، حزب بريكست، في عام 2019. حيث نافس الحزب على أكثر من 600 مقعد من أصل 650 مقعداً، مما أثر بشكل كبير على أداء «المحافظين». حقق حزب «العمال» فوزاً ساحقاً بحصوله على 63% من المقاعد، على الرغم من أنه حصل فقط على 34% من إجمالي الأصوات، مع تراجع دعم المحافظين.
تقاسم الناخبون «المحافظون» المحبطون تأييدهم بين «الديمقراطيين الليبراليين» الوسطيين وحزب «الإصلاح» في المملكة المتحدة اليميني، مما ساهم في نجاح حزب العمال. لقد ساهمت قدرة حزب «إصلاح المملكة المتحدة» على جذب عدد كبير من الناخبين «المحافظين» السابقين بشكل كبير في انتصار حزب العمال. يمثل هذا التحول تغييراً كبيراً في تفضيلات الناخبين مقارنة بالانتخابات السابقة، ويضع أنصار «إصلاح المملكة المتحدة» في موقع بارز كلاعبين رئيسيين في الانتخابات العامة المقبلة.
ويزعم المحللون أن جاذبية حزب «الإصلاح» تكمن في وعده بمعالجة القضايا الملحة مثل إصلاح الرعاية الصحية، وتمويل التعليم، والاستدامة البيئية وهو ما يشكل انحرافاً عن موقف حزب «العمال» الأكثر تقليدية في التعامل مع هذه القضايا.
وقد اجتذب هذا التحول الناخبين الباحثين عن حلول عملية والانفصال عن الوضع الراهن. وبالنظر إلى المستقبل، فإن التفاعلات المحتملة بين حزب «الإصلاح» وحزب «العمال» ستشكل الخطاب السياسي في المملكة المتحدة لسنوات قادمة. سيحدد رد فعل الناخبين على المبادرات السياسية والأداء الاقتصادي والإصلاحات الاجتماعية ما إذا كان حزب «الإصلاح» قادراً حقاً على موازنة المكاسب الانتخابية الأخيرة التي حققها حزب «العمال» وترسيخ نفسه كقوة هائلة في السياسة البريطانية. تظل النتيجة غير مؤكدة، ولكنْ هناك شيء واحد واضح: مستقبل السياسة البريطانية سيتحدد من خلال المنافسة المتقدمة بين حزب «الإصلاح» وحزب «العمال» على قلوب وعقول الناخبين.
* باحثة سعودية في الإعلام السياسي