ترتبط كل من دولة الإمارات العربية المتحدة والجمهورية التركية بعلاقات تاريخية ممتدة تشمل العديد من المجالات، ولدى الطرفان سجل حافل من التعاون المشترك يشهد على تنامي العلاقات الثنائية، في ظل التعاون الاستراتيجي الراسخ بين البلدين. وتتجلى أهمية هذه العلاقات في دعم مرتكزات الاستقرار الإقليمي بما يخدم تطلعاتهما المشتركة، وتتمحور تلك العلاقات حول مجموعة واسعة من المجالات الاستثمارية، بما يسهم في خلق نموذج فريد من الشراكة الاقتصادية الناجحة.
وفي الواقع، فإن دولة الإمارات وتركيا تتميزان ببيئة اقتصادية متطورة، ما يجذب المستثمرين من جميع أنحاء العالم، وتعمل الدولتان بشكل متواصل على ترسيخ الرؤى الاستراتيجية المشتركة، لتحقيق التنمية المستدامة والنمو الاقتصادي. وفي إطار السعي لتعزيز التعاون بين الإمارات وتركيا، جاءت الزيارة التاريخية لصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، لأنقرة في 24 نوفمبر 2021، والتي تُوجّت بالتوقيع على 12 اتفاقية ومذكرة تفاهم شملت مجالات التجارة، والاقتصاد، والصناعات الدفاعية، والصحة، والتغيُّر المناخي، والصناعة، والتكنولوجيا.
كما شهدت زيارة رجب طيب أردوغان، الرئيس التركي، إلى أبوظبي في 14 فبراير 2022، توقيع 13 اتفاقية ومذكرة تفاهم بين البلدين شملت مجالات الاستثمار، والدفاع، والنقل، والصحة والعلوم الطبية، والزراعة، والسياحة. وفيما يعكس عمق العلاقات بين البلدين، وقّعت دولة الإمارات وتركيا اتفاقية «شراكة اقتصادية شاملة» في 3 مارس 2023، لتقوية روابط التعاون الاقتصادي والتجاري، ما يؤكد التطلعات المشتركة للبلدين نحو توطيد التعاون الاقتصادي والاستثماري.
وقد جاءت هذه الاتفاقية في سياق دعم الدور الإقليمي لكل من الإمارات وتركيا، ورغبتهما في تعزيز الاستقرار الاقتصادي والتبادل التجاري ومواجهة التحديات الاقتصادية بفعالية أكبر، كما أن توقيع هذه الاتفاقية يُعد خطوة إيجابية تعزز الأمن الاقتصادي لكلا البلدين وترسّخ دورهما كلاعبين رئيسيين في الاقتصاد العالمي المعاصر.
وتتويجاً لجهود تعزيز التعاون المشترك بين الإمارات وتركيا، تجاوز حجم التجارة بين الدولتين في عام 2023 أكثر من 20 مليار دولار، مما يعكس الزيادة المستمرة في التعاون الاقتصادي المشترك، ويدعم التعاون القائم في قطاعات عدة، ويُسهم هذا التطور في زيادة الاستثمارات المتبادلة، وهنا تجدر الإشارة إلى أن تركيا تحتل المرتبة الـ11 كأحد أكبر الشركاء التجاريين للإمارات، بينما تمثل الإمارات الشريك التجاري الـ12 عالمياً لتركيا، والشريك التجاري الأكبر لها على مستوى دول الخليج العربي، ما يعزز مكانة الدولة كمركز رئيسي للتبادل التجاري في المنطقة.
وفي إطار تواصل جهود تعزيز التعاون الاقتصادي والاستثماري القائم بين الإمارات وتركيا، ترأس معالي سلطان بن سعيد المنصوري، مبعوث سمو وزير الخارجية، وفداً رفيع المستوى إلى الجمهورية التركية خلال الأيام القليلة الماضية، حيث أجرى مباحثات تركزت على استكشاف فرص تعزيز التعاون بين الدولتين، بما يسهم في رفع مستوى العلاقات إلى مستوى جديد.
وتعكس هذه الزيارة التزامَ الطرفين بتطوير التعاون الاقتصادي والاستثماري، وهي ستسفر بلا شك عن فتح الباب أمام فرص جديدة لدعم هذا التعاون، وخصوصاً في خِضمّ التحديات الاقتصادية الحالية والضغوط الدولية، كما أنها ستعمل على تعزيز الثقة بين الشركات والمستثمرين في كلا الدولتين. يُعد التعاون القائم بين الإمارات وتركيا نموذجاً يُحتذى به في منطقة الشرق الأوسط، ومن خلال تعزيز الروابط الاقتصادية وتبادل المعرفة والتكنولوجيا، يمكن لكل من أبوظبي وأنقرة تحقيق النمو المستدام والإسهام في تعزيز استقرار المنطقة بأسرها.
ويبدو مستقبل العلاقات الاقتصادية بين الإمارات وتركيا واعداً، وهو ما يمكن تأكيده بالاستناد إلى الخط التصاعدي لازدهار العلاقات الثنائية. ويتوقع مواصلة ترسيخ هذه العلاقات في مختلف القطاعات، وبشكل خاص في المجال الاقتصادي، الذي يحظى بأهمية خاصة في سياق التعاون الثنائي المشترك، ويدعم هذا التوقع رغبتُهما المشتركة وما يمتلكانه من مقومات اقتصادية.
*صادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.