في القمة الرابعة والعشرين لمنظمة شنغهاي للتعاون، التي استضافتها كازاخستان، سعت روسيا والصين إلى تقديم رؤية عالمية بديلة، منفصلة عن الدول الغربية، والحث على توثيق التعاون الأمني ​​والسياسي والاقتصادي بين الدول الأعضاء.ويعتبر هذا التجمع بمثابة ثقل موازن للهيمنة الغربية.

ونُقل عن الرئيس الصيني شي جين بينج قوله خلال الاجتماع إنه يتعين على أعضاء تعاون شنغهاي تعزيز وحدتهم ومعارضة التدخل الخارجي بشكل مشترك في مواجهة التحديات الحقيقية المتمثلة في التدخل والانقسام. ولتعزيز وجهة نظر المجموعة، حذر الرئيس شي أيضاً مما أسماه «التهديد الحقيقي لعقلية الحرب الباردة» وناشد الدول الأعضاء «للتمسك بالخط الأمني ​​الأساسي». كما حث الدول الأعضاء على حماية الحق في التنمية في مواجهة المخاطر الحقيقية المتمثلة في «ساحة صغيرة وسياج عال»، في إشارة إلى الاستراتيجية التي تبنتها الولايات المتحدة لتقييد التكنولوجيات الرئيسية القادمة من الصين.

من ناحية أخرى، كرر الرئيس الروسي بوتين، أثناء خطابه أمام الدول الأعضاء في التجمع، دعوة روسيا إلى «بنية جديدة للتعاون والأمن والتنمية غير القابلة للتجزئة في أوراسيا، والتي تهدف إلى أن تحل محل النماذج الأوروبية المركزية والأوروبية الأطلسية التي عفا عليها الزمن، والتي أعطت مزايا أحادية الجانب لدول معينة فقط». كما ألقى باللوم على الغرب في الحرب في أوكرانيا.

ومنظمة شنغهاي للتعاون هي منظمة أوروآسيوية سياسية واقتصادية ودفاعية وأمنية دولية، تأسست في البداية من قبل الصين وروسيا عام 2001 في مدينة شنغهاي الصينية الواقعة على ساحل بحر الصين الشرقي، والتي تعتبر أول ميناء صيني تم افتتاحه أمام التجارة الغربية. في البداية، كان تجمع تعاون شنغهاي يتألف من ستة بلدان: روسيا، وكازاخستان، وقرغيزستان، والصين، وطاجيكستان، وأوزبكستان. وفي عام 2017، انضمت الهند وباكستان إلى الكتلة، بينما انضمت إيران إليها العام الماضي فقط. لكنها كانت مدفوعة بعدة اختلافات بين أعضائها. فالهند، التي انضمت في عام 2017، لديها علاقات سيئة مع الصين، وكذلك خلاف حدودي متفاقم معها. ووسط هذه الخلافات، لم يحضر رئيس الوزراء ناريندرا مودي القمة، وبدلاً من ذلك أرسل وزير الخارجية الدكتور سوبرامانيام جيشانكار، الذي ألقى كلمة الهند نيابة عن رئيس وزرائها.

بالنسبة للهند، يشكل تجمع شنغهاي للتعاون جزءاً من عملية توازن أكبر حتى مع احتفاظها بعلاقاتها مع روسيا، وحتى مع اقترابها من الولايات المتحدة. كانت الهند، التي توصف بالاستقلال الاستراتيجي، تتبع مصالحها الوطنية. ولكن السؤال الأكبر بالنسبة للهند هو ما الذي يمكنها أن تحققه من هذه المجموعة؟ 

لقد تم تأسيس تجمع شنغهاي كبديل للتجمعات الغربية ولإنشاء بنية أمنية بديلة تهيمن عليها الصين. ولكن من الواضح أن آراء الأعضاء لا تتفق تماماً. وقد ركز خطاب رئيس الوزراء مودي على قضية مكافحة الإرهاب التي وصفها بأنها أحد «الأهداف الأصلية» التي تأسس التجمع من أجلها. وتصر الهند، في مختلف المنتديات، على أن المجتمع الدولي يجب أن يعزل ويكشف الدول التي تؤوي الإرهابيين، وتوفر الملاذات الآمنة لهم وتتغاضى عن الإرهاب.

ويؤكد أن الإرهاب عبر الحدود يتطلب «استجابة حاسمة»، ويجب التصدي بحزم لتمويل الإرهاب وتجنيده. ويجب النظر في قضايا مثل احترام السيادة والسلامة الإقليمية والحقوق التجارية غير التمييزية في سياق مشاريع الاتصال. وكان أبرز ما جاء في تصريحات رئيس الوزراء الهندي أمام قمة المجموعة هو أن التنمية الاقتصادية تتطلب تواصلاً قوياً، وهو ما يمكن أن يسهل الثقة بين المجتمعات. ويجب أيضاً إيلاء أهمية إلى الحقوق التجارية وأنظمة العبور غير التمييزية. ويتعين على المجموعة أن تناقش هذه الجوانب بجدية. في العام الماضي تولت الهند رئاسة المجموعة وقررت عقد القمة افتراضيا بدلاً من عقدها فعلياً. وكان ذلك بسبب الخلافات داخل التنظيم والتي تشكل تحدياً للتجمع الذي له مكانته أيضاً كبديل للصيغ الغربية. لكن السؤال هو ما إذا كانت منظمة شنغهاي بدأت تبرز كثقل موازن للغرب أم أنها ستلعب دوراً أكثر عدائية. وفي اجتماع القادة في كازاخستان، انضمت بيلاروسيا رسمياً باعتبارها العضو العاشر. ويُنظر إلى ضم بيلاروسيا إلى المجموعة على أنه خطوة أخرى لتعزيز المجموعة كبديل للغرب. وقد كانت بيلاروسيا حليفاً رئيسياً لروسيا طوال حرب أوكرانيا.

وبالنسبة للهند، التي أصبحت أقرب إلى الولايات المتحدة والغرب، فإن التحدي يتمثل في إدارة موقفها. ولعل هذا هو السبب وراء تعاملها بحذر شديد مع قرار مودي بالابتعاد عن اجتماع القمة.

مودي زار روسيا هذا الأسبوع للتأكيد على الاستقلال الاستراتيجي المتنامي للبلاد حتى في ظل علاقاتها الوثيقة مع الولايات المتحدة. ولكن ليس ثمة شك في أن منظمة شنغهاي للتعاون تظل تشكل تجمعاً مهماً في عالم ناشئ جديد متعدد الأقطاب.

*رئيس مركز الدراسات الإسلامية - نيودلهي