زارت رئيسة وزراء بنجلاديش، الشيخة حسينة، الهند مرتين خلال 15 يوماً. المرة الأولى لمدة ليوم واحد للمشاركة في حفل أداء اليمين لرئيس الوزراء ناريندا مودي، وفي وقت لاحق من الأسبوع الماضي قامت بزيارة رسمية استغرقت يومين، أجرت خلالها محادثات مع مودي وأعلنت عن عدد كبير من الاتفاقيات. وأكدت الزيارتان اللتان قامت بهما الشيخة حسينة للهند خلال هذه المدة القصيرة على العلاقات السياسية الوثيقة بين البلدين. تتمتع الهند وبنجلاديش بواحدة من أكثر العلاقات استقراراً في جنوب آسيا، وهو ما يؤكده التعاون المتزايد بين البلدين.

وقد تطرق رئيس الوزراء ناريندا مودي خلال مباحثاته مع الشيخة حسينة إلى مجموعة واسعة من القضايا الثنائية، وبعد ذلك وقع البلدان على أكثر من 10 اتفاقيات في قطاعات مختلفة. ويشمل ذلك التحرك لتعزيز العلاقة الدفاعية من خلال توقيع اتفاقيات لتوسيع التعاون في قطاعات الأمن البحري واقتصاد المحيطات والفضاء والاتصالات.

وتضمنت بعض الاتفاقيات المعلنة قيام الهند ببدء تسهيل التأشيرة الطبية الإلكترونية لتسهيل وصول المواطنين البنجلاديشيين الذين يبحثون عن العلاج الطبي إلى الهند. واتفق البلدان أيضاً على فتح «مفوضية عليا جديدة مساعدة للهند» في مدينة رانج بور التاريخية في بنجلاديش من أجل «راحة شعب المنطقة الشمالية الغربية من بنجلاديش». وكان التعاون المهم الآخر يتمثل في الإعلان عن التجارة في مجال الكهرباء بين نيبال والهند وبنجلاديش. إذ ستنقل نيبال 40 ميجاوات من الطاقة من نيبال إلى بنجلاديش عبر الهند.

ويمثل هذا فصلاً جديداً في التعاون في مجال الطاقة بين الدول الثلاث. وتضمنت الاتفاقيات الرئيسية التي وقعها الجانبان واحدة بشأن إقامة علاقات قوية في المجال الرقمي وأخرى حول إقامة «شراكة خضراء»، كما وقع الجانبان على اتفاقية حول ربط السكك الحديدية. وقد برزت بنجلاديش كأكبر شريك تجاري للهند في جنوب آسيا، حيث وصل حجم التجارة الثنائية إلى 18 مليار دولار في 2021-2022، مقابل 10.8 مليار دولار في 2020-2021.

ومن المؤكد أن نتائج المحادثات بين القيادة العليا في البلدين ستلعب «دوراً محورياً» في تعزيز العلاقات الثنائية القائمة. ووصفت الشيخة حسينة، بتفاؤل، زيارتها للهند بأنها «مثمرة للغاية»، مؤكدة أنها فتحت آفاقاً جديدة للتعاون من أجل التنمية الاجتماعية والاقتصادية لشعبي البلدين. ليس ثمة شك في أن التعاون بين هذين البلدين الواقعين في جنوب آسيا فريد من نوعه.

وقد تعززت العلاقات بين البلدين في عهد الشيخة حسينة. فمنذ أن تولت السلطة، أولت بنجلاديش أهمية للهند وبذلت قصارى جهدها لتعزيز العلاقات الوثيقة مع أكبر دولة في جنوب آسيا. وتفتخر بنجلاديش، وهي دولة ذات أغلبية مسلمة يبلغ عدد سكانها 160 مليون نسمة، بكونها دولة ديمقراطية علمانية.

وفي الواقع، كانت الهند أول دولة تعترف ببنجلاديش كدولة مستقلة، وأقامت علاقات دبلوماسية معها مباشرة بعد استقلالها في ديسمبر 1971. ظلت العلاقة الإستراتيجية الشاملة بين الهند وبنجلاديش في نمو على مدار العقدين الماضيين تقريباً.

وبموجب سياسة «الجوار أولاً»، التي تنتهجها الهند، أصبحت بنجلاديش حليفاً مهما لنيودلهي، ويمتد التعاون بين البلدين إلى العديد من المجالات المهمة، بما في ذلك الأمن والتجارة والطاقة والاتصال والعلوم والتكنولوجيا والدفاع، إلى جانب مجالات أخرى. ومنذ عام 2009، ساعدت الشيخة حسينة نيودلهي أيضاً في استيعاب مخاوفها بشأن الجماعات المسلحة الانفصالية الهندية التي تتخذ ملاذاً لها في بنجلاديش.

*رئيس مركز الدراسات الإسلامية - نيودلهي.