في العصر الرقمي الذي نعيشه يُعد فَهْم البيانات، وتحليلها، ومعرفة تأثيرها في المستقبل، ذات أهمية بالغة؛ ذلك أن جمع المعلومات وتحليلها ركيزتان أساسيتان لاتخاذ قرارات سليمة، والتطوير الناجح لأي استراتيجية. ومع ازدياد كمية البيانات المُتاحة من مصادر شتى؛ أصبح من الضروري فهم هذه البيانات، ثم تحليلها بهدف استخلاص رؤًى ذات قيمة.
وتُعَدُّ البيانات من أهم الموارد التي تستند إليها المؤسسات الحكومية والخاصة في فَهْم احتياجات المستفيدين والعملاء. وتوفر البيانات رؤىً عميقة تساعد هذه المؤسسات على تحديد التوجهات والسلوكيات؛ ومن ثَمَّ اتخاذ قرارات مُستنيرة. وعلى سبيل المثال يُتيح تحليل البيانات تحديد أنماط المستفيدين، وتفضيلاتهم؛ ما يسهِّل تطوير الخدمات، ويساعد على تحسين الاستراتيجيات. وتعني عملية تحليل البيانات تحويل البيانات الخام معلوماتٍ قيمةً تسهم في اتخاذ قرارات فعَّالة ذات أثر إيجابي في المؤسسة. وتوجَد لتحليل البيانات أنواع عدَّة اعتماداً على الهدف من التحليل؛ إذ يصف التحليل الوصفي مثلاً نقاط البيانات، أو يلخصها تلخيصاً مفيداً؛ ويحدد التحليل التشخيصي الأسباب عن طريق الرؤية الموجودة في التحليل الإحصائي؛ في حين أن التحليل التنبئي يدرس البيانات السابقة والحالية لوضع توقعات مستقبلية باستخدام التعلم الآلي (ML)، والذكاء الاصطناعي (AI)، أما التحليل التوجيهي، فيدمج الرؤى المستخلصة من جميع التحليلات السابقة لتحديد ما يجب فعله. ويؤدي الفَهْم الصحيح للبيانات، وتحليلها، إلى تطوير كبير في الأداء التنظيمي؛ إذ يساعدان المؤسسات في التعرُّف على نقاط الضعف في عملياتها التشغيلية، وتقديم حلول لتحسين كفاءتها. وإضافةً إلى ذلك يعزز تحليل البيانات الاستراتيجيات الحكومية، ويرفع مستوى الخدمات عن طريق فَهْم أفضل للاحتياجات؛ كما يمكنه التنبؤ بالمشكلات المحتملة، واتخاذ تدابير وقائية قبل أن تصبح هذه المشكلات حقيقية؛ ما يساعد على تقليل المخاطر.
وتسهم البيانات في دفع الابتكار بتقديم فَهْم أوضح لطريقة تفاعل المستفيدين مع الخدمات؛ ما يؤدي إلى تطوير خدمات جديدة تستجيب للتغيرات في احتياجات السوق. كما يُمكن لتحليل البيانات أن يعزز رضا المستفيدين وولاءهم عن طريق توفير خدمات مخصصة تتجاوب بصورة فردية مع متطلباتهم. ويفتح التطوير المستمر لتقنيات تحليل البيانات فرصاً جديدة للمؤسسات التي تستثمر في هذه التكنولوجيا؛ في حين يتيح ازدياد توجهات استخدام الذكاء الاصطناعي في تحليل البيانات أتمتة العمليات، ورفع دقة التنبؤ. ويمكن لاستخدام البيانات المتدفقة أن يسهم في اتخاذ قرارات فورية وفعالة؛ ما يجعله -بلا شك- ضرورة حتمية للمؤسسات. إذن يُعد فَهْم البيانات، وتحليلها، أساسين حاسمين لتحقيق النجاح في عصر التكنولوجيا. ويمكن لتحليل البيانات أن يقدم رؤى قيِّمة تساعد المؤسسات على تحسين عملياتها، وزيادة كفاءتها، فضلاً عن تقليل المخاطر. ومع استمرار تطور التكنولوجيا تظل لتحليل البيانات أهمية مستدامة في صياغة استراتيجيات الأعمال، وتحقيق المزايا التنافسية.
لطيفة الحمادي
*مُعلمة مادة التصميم الإبداعي والابتكار- مؤسسة الإمارات للتعليم المدرسي.