في عام 2025 ستتمكن الثورة التقنية من إبراز ظواهر ستعتبر معجزات ترتبط بقرب الساعة، وسيُنظر إلى البصمة الكربونية على أنها غير مقبولة اجتماعياً تماماً مثل القيادة تحت تأثير المسكرات اليوم.
وستكون صناعة تقليل انبعاثات الكربون في العالم هي الأكثر ربحاً من خلال ظهور صناعة ضخمة لإدارة الكربون والتعامل الأمثل مع ثاني أكسيد الكربون، إلى جانب الحوسبة الكمومية والذكاء الاصطناعي فائق القدرة حيث سيكون الجيل الأول من الأجهزة التجارية قادراً على معالجة مشاكل العالم الحقيقي، وسيكون أحد التطبيقات الرئيسية لهذه الخوارزميات هي محاكاة التفاعلات الكيميائية المعقدة، وهي أداة قوية ستفتح آفاقاً جديدة في تطوير الأدوية. وستساعد حسابات كيمياء الكم في تصميم مواد جديدة بخصائص مرغوبة، مثل محفزات أفضل لصناعة السيارات تحدّ من الانبعاثات وتساعد في مكافحة تغير المناخ.
وفي ذلك العام أو الذي يليه ستتمكن تقنيات الحوسبة الكمومية من اختراق النظريات، وتحويلها إلى تطبيقات عملية واعدة تحل المشكلات المعقدة أسرع بملايين المرات من أجهزة الكمبيوتر العملاقة الحالية وفي متناول الشركات، وستكون الأتمتة المدعومة بالذكاء الاصطناعي قادرة على توجيه البيانات وتحفيز البيانات المعرّفة وتمكّن المعرفة من التمكين. وفي عالم الغد ستتم إدارة السرطان مثل أي حالة صحية مزمنة، حيث سنكون قادرين على تحديد ما قد نواجه بدقة، ونكون قادرين على التغلب عليه، وسنرى أيضاً ثورة في العلاج مدفوعة بالتكنولوجيا والتعديل الجيني والعلاج المناعي اللذين يؤديان إلى تقليل الآثار الجانبية، وقد يكون لهما تقدم أكبر مع التقدم في الفحص المبكر والعلاج وسيسيران جنباً إلى جنب. ومن جانب آخر، فإن تجربة التجزئة الروبوتية وتحول الروبوتات إلى عصب العديد من الصناعات والممارسات التجارية، ستنمو بصورة غير مسبوقة، وسيصبح البناء سلسلة متزامنة من عمليات التصنيع، مما يوفر التحكم والتغيير والإنتاج على نطاق واسع، وستكون طريقة أكثر سرعةً وأماناً وفعاليةً من حيث التكلفة لبناء المنازل والمكاتب والمصانع.
ستكون حقبة جديدة في الطب مرتبطة بجمع وتصنيف وتحليل البيانات الطبية الضخمة التي لم يتم الاستفادة منها بالكامل في الماضي، وهو ما سيغير عالم الطب وكيفية ممارسته، وفي تلك الحقبة سنتمكن من سد فجوة الثروة بين سكان العالم، وسيصل انتقال الطاقة إلى نقطة تحول ستكون تكلفة بناء الطاقة المتجددة الجديدة فيه أقل من التكلفة الهامشية للوقود الأحفوري، وسيتمكن النظام البيئي العالمي للابتكار في توفير بيئة يمكن فيها معالجة المشكلات بشكل جماعي، والسماح بنشر الابتكار على نطاق سريع، ونتيجة لذلك سنشهد زيادة مذهلة في سعة الكهرباء الناتجة من استغلال قوى الطبيعة، وسيدعم التحول على مستوى الأنظمة في قطاع الطاقة والتعلم الآلي العلمي الذي يجمع بين النماذج القائمة على الفيزياء والبيانات الضخمة إلى تصميمات أصغر حجماً، وتكاليف تشغيل أقل وطاقة نظيفة وبأسعار معقولة للجميع في نهاية المطاف، كما ستصل البشرية لفهم الأسرار المجهرية المخفية على الأسطح، حيث يحمل كل سطح على الأرض معلومات خفية، ستثبت أنها ضرورية لتجنب الأزمات المرتبطة بالوباء سواء الآن أو في المستقبل.
كل تلك الإنجازات ستوجهها ثورة في أساليب الإرهاب والحروب غير المعروف مصدر انطلاقها، وكوارث ستنسب إلى الطبيعة تتزامن مع أزمات صحية لأوبئة مقاومة للقاحات، وحرب تجتاح القارة العجوز ووباء وأزمة مالية عالمية تهز نظم دول عديدة وتخرج الجماهير للشارع، وأزمات غذائية ومائية تعيد عقارب الساعة إلى الوراء، ولذلك من يدير منظومة التنبؤ واستشراف المستقبل اليوم هو مفتاح الأمان لما سيحدث في المستقبل القريب، والجودة العالية في هذا الجانب يعني بالضرورة أمة أكثر قدرةً على الصمود وبمرونة ورشاقة منقطعة النظير غداً والعكس صحيح.
والأجراس تقرع، ومع ذلك فالكثيرون منا لا يسمعونها، والآخرون يسمعونها ولا يعيرونها أية اهتمام، والبقية هم بمثابة حقول فئران التجارب. وفي تلك الثورة الصناعية الجديدة، سيتطلب الأمر عنصرين أساسيين للحكومات الرشيقة: الوعي الكامل بالطفرة التكنولوجية الهائلة، وخطة لتطوير المواهب التي يمكنها تحقيق أقصى استفادة منها.
*كاتب وباحث إماراتي في شؤون التعايش السلمي وحوار الثقافات.