ليس بخافٍ على أحد أهمية الصين للعرب وأهمية العرب للصين، وهي الأهمية التي تضرب جذورها في أعماق التاريخ وتنبّه لها الأوائل منذ مئات السنين، لتتكلل قديماً بطريق الحرير، حيث تبادُل التجارة وما صاحبه من تناقل المعارف والعلوم بين شعوب العرب والصين، وصولاً إلى العصر الحديث، وتدشين علاقات دبلوماسية مستدامة وسياسية حيوية واقتصادية متنامية.
وجاء عام 2004 ليشهد تحولاً نوعياً فريداً من نوعه بتدشين مظلة جامعة لمختلف مجالات التعاون العربي الصيني في إطار منتدى التعاون العربي الصيني الذي هدف إلى تعزيز الحوار والتعاون ودفع السلام والتقدم بين شعوب المنطقتين في مختلف المجالات، بدءاً من التعاون الثقافي ووصولاً إلى تطوير العلاقات الاستراتيجية بين الصين والدول العربية.
ولعل المشاركات المتبادلة في معارض الكتاب في دول المنطقتين أحد أهم مظاهر التعاون، وهو ما حرص عليه مركز تريندز للبحوث والاستشارات بمشاركته المميزة في الدورة الثلاثين من معرض بكين الدولي للكتاب في الفترة من 19 يونيو إلى 23 يونيو الجاري.
فقد شارك مركز تريندز للبحوث والاستشارات في المعرض ليكون الممثل العربي الأهم في معرض بكين على مستوى مراكز الفكر والبحوث، حيث عرَض المركز في جناحه بالمعرض عشرات الإصدارات البحثية المتنوعة، التي تغطي مختلف القضايا المُلحة إقليمياً وعالمياً، والتي يجد فيها القارئ والمثقف ومتخذ القرار أينما كان عوناً له على فهم العديد من الأحداث الإقليمية والعالمية وبلغات مختلفة، بما فيها الصينية، إذ أطلق المركز الإصدار الصيني من مؤشره العالمي حول نفوذ «جماعة الإخوان» وذلك استكمالاً لنهجه بنشر المعرفة، واستجلاء الحقائق بمختلف اللغات.
وانطلاقاً من عالمية «تريندز»، ورغبته الحثيثة في الوصول إلى القراء والمهتمين في عواصم صنع القرار حول العالم، دشّن المركز مكتبه السادس عالمياً في بكين، ليكون منارة تُضيء أفق التعاون البحثي والعلمي بين الباحثين الصينيين والعرب، وتعزز الترابط التاريخي والثقافي بين شعوب المنطقتين.
وفي هذا الإطار فقد نظّم المركز حلقة نقاشية بعنوان «الصين ودول الخليج العربية.. ترسيخ علاقات التعاون والشراكة»، التي شهدت مشاركة عدد من الخبراء والأكاديميين من الصين والمنطقة العربية، كما أجرى تسجيل سلسلة من حلقات البودكاست حول الصين مع خبراء وأكاديميين من مختلف الخلفيات العلمية والمهنية، بهدف تعميق النقاشات الرصينة وبناء رؤى مشتركة حول القضايا الراهنة التي يشهدها العالم. وقد اختَتم المركز جولته الصينية بزيارته عدداً من جامعات ومراكز الفكر المرموقة في العاصمة بكين، لبحث مجالات التعاون العلمي، ومناقشة عدد من المشاريع البحثية المشتركة في المستقبل المنظور، كما وقّع المركز ثلاث مذكرات تفاهم مع بعض هذه الجامعات والمؤسسات البحثية ذات الاهتمام المشترك.
ولعل جولة تريندز العالمية في بكين هي الأخيرة هذا الشهر، لكنها بكل تأكيد حلقة من سلسلة ممتدة من جولات الريادة البحثية عالميًّا تتجاوز مختلف التحديات، منبثقة من رؤية مركز تريندز للبحوث والاستشارات والتزامه بتعزيز نشاطه البحثي عالمياً، وتقديم إسهامه المميز في البحث العلمي، ليخطو بخطى علمية وواثقة نحو الريادة في مجاله كمركز فكر إماراتي وطني بنزعة عالمية.
*باحثة- مدير إدارة المعارض والتوزيع مركز تريندز للبحوث والاستشارات.