تدرس شركة الهندسة المعمارية التي صممت أطول مبنى في العالم سبلاً لبناء ناطحات سحاب يمكنها تخزين الطاقة باستخدام الجاذبية.
فقد قامت شركة «سكيدمور، أوينجز آند ميريل» Skidmore, Owings & Merrill LLP، المعروفة اختصاراً بـ«إس أو إم»، بتطوير سلسلة من التصاميم الأولية التي تستخدم المحركات الكهربائية لرفع الكتل الضخمة، مما يخلق طاقة كامنة يمكن تحويلها إلى كهرباء عند خفض الكتل. تعتمد التصميمات على التكنولوجيا التي طورتها شريكتها «إنيرجي فولت هولدينجز» Energy Vault Holdings Inc بديلاً لبطاريات الليثيوم أيون وأنواع أخرى من الخلايا الكيميائية. وتبحث الشركتان عن شركاء مطورين مهتمين بتعويض تلوث غازات الدفيئة الناتج عن المباني، والتي تقدر الأمم المتحدة أنها مسؤولة عما يقرب من 40% من الانبعاثات العالمية.
وهذا المفهوم مشابه لمحطات الطاقة الكهرومائية التي يتم ضخها على نطاق واسع. أكملت شركة «إنيرجي فولت» أول مشروع كبير لها هذا الشهر بالقرب من شنغهاي، وهو نظام تخزين مستقل يمكنه توفير ما يصل إلى 25 ميجاوات من الطاقة لمدة أربع ساعات. وتقوم شركات أخرى باختبار أنواع جديدة من أنظمة تخزين الجاذبية، بما في ذلك تلك التي تستخدم آبار النفط والمناجم المهجورة.
يمتلك أصحاب المباني والمصممون عدداً متزايداً من الأدوات للحد من انبعاثات الكربون الناتجة عن العمليات اليومية، بدءاً من العزل الأفضل وحتى المضخات الحرارية. ومع ذلك، لا توجد بدائل للصلب والخرسانة التي تعتبر مكونات حاسمة في المباني الحديثة، وكلاهما مصدر رئيس لانبعاثات الكربون. وهناك جهود لإزالة الكربون من هذه المواد، لكنها لم ترق بعد إلى الفاعلية المنشودة. بالنسبة لأصحاب المباني الذين يتطلعون إلى التخلص من الانبعاثات، فإن تحويل ناطحة سحاب إلى بطارية ضخمة هو أحد السبل، وفقاً لبيل بيكر، الشريك الاستشاري في شركة «إس أو إم»، بشيكاغو.
قامت «إس أو إم» بإنشاء أربعة نماذج أولية لنظام التخزين، بناءً على هذا المفهوم. ثلاثة منها عبارة عن أنظمة مستقلة تستخدم إما الكتل الثقيلة أو الماء، مع وجود نظامين مدمجين في سفوح التلال والثالث عبارة عن برج أسطواني طويل. والأخير مخصص للمناطق الحضرية، وهو عبارة عن ناطحة سحاب شاهقة يمكن أن تشمل مساحات سكنية وتجارية ومكاتب. يبلغ ارتفاع مشروع إنيرجي فولت في شنغهاي حوالي 150 متراً (490 قدماً)، لكن بطاريات ناطحات السحاب التي تنتجها شركة «إس أو إم»، قد تكون أعلى من ذلك بكثير، حيث تبدأ من 300 متر.
تتخصص شركة «إس أو إم»، في المباني الشاهقة. كان بيكر هو المصمم الرئيس لبرج خليفة، الذي يبلغ ارتفاعه 828 متراً في دبي، وهو أطول مبنى في العالم، ويرى إمكانات كبيرة لدمج تخزين الطاقة في ناطحات السحاب. وذلك لأنه كلما تم رفع الأثقال أعلى عندما يكون هناك فائض من الكهرباء الرخيصة، زادت الطاقة الكامنة التي ستحتفظ بها، والتي يمكن إطلاقها عند الحاجة إلى الكهرباء.
وقال بيكر: «إذا قمت بتخزينها بمقدار الضعف، فستكون الطاقة مضاعفة. الارتفاع أفضل».
يمكن للأنظمة الحالية لشركة «إنرجي فولت» توفير الطاقة بحوالي 5 إلى 10 سنتات للكيلووات في الساعة، وفقاً لـ «روبرت بيكوني»، الرئيس التنفيذي لشركة «ويست ليك فيليدج» Westlake Village، ومقرها كاليفورنيا. وهذا أرخص من بطاريات الليثيوم أيون، التي يصل سعرها إلى حوالي 13.5 سنت، وفقاً لبلومبيرج إن إي إف. إن الارتفاع سيغيّر الاقتصاد بشكل كبير، وقال إن الهدف هو خفض هذا الرقم إلى أقل من 5 سنتات.
وبمجرد أن يصل ارتفاع المبنى إلى ما يزيد على 200 متر، يمكن لنظام تخزين الجاذبية أن يوفر طاقة كافية لتغطية عملياته. وذلك عندما يتمكن مشغلو البناء من البدء في تعويض البصمة الكربونية لمواد البناء، ومن المتوقع أن تشهد بعض تصميمات شركة إس أو إم هذا المردود في غضون عامين إلى أربعة أعوام.
وتتفاوض الشركات مع شركاء مطورين محتملين في الشرق الأوسط، وإذا سارت الأمور بسلاسة، فقد يشهد بيكوني بدء بناء المشروع في أوائل عام 2026.
ومع ذلك، قد يكون هذا التاريخ متفائلاً. فقد واجهت شركة «إنيرجي فولت» عقبات، بما في ذلك إعادة تصميم نظام الجاذبية بشكل أساسي وتقديم أنظمة تخزين البطاريات الكيميائية للعملاء كوسيلة لتوليد الإيرادات الآن. في حين أن استكمال مشروع شنغهاي كان علامة فارقة مهمة، ويخطط الشركاء في هذا المشروع الآن لأنظمة تخزين إضافية في الصين، إلا أن أسهم «إنيرجي فولت» تراجعت بأكثر من 85% منذ طرحها للاكتتاب العام في عام 2022 في صفقة مع شركة استحواذ ذات أغراض خاصة.
ويرى «توماس بويز»، المحلل في بنك الاستثمار «تي دي كوين»، أن فكرة إضافة مساحة تخزين إلى ناطحة سحاب كبيرة فكرة سليمة من حيث الأساس، ولكن قد يستغرق التخطيط والترخيص والتمويل لهذا النوع من التطوير سنوات، ولا يوجد سوى عدد محدود مما يسمى بالمشاريع الشاهقة التي يتجاوز ارتفاعها 300 متر. وقال بويز إنه من المرجح أن تظهر الأبراج متعددة الاستخدامات المزودة بتقنية إنيرجي فولت في وقت ما في ثلاثينيات القرن الحالي.
وقال «آدم سيميل»، الشريك الإداري في شركة «إس أو إم»: إن تكنولوجيا التخزين المدمجة في الهياكل العالية من شأنها أن تغيّر بشكل كبير اقتصادات الطاقة في صناعة البناء والتشييد. وأضاف: «إن تخزين طاقة الجاذبية له دور كبير في اقتصاد المستقبل. نريد أن نبدأ العمل في بعض المباني الفعلية».
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست لايسنج آند سينديكيشن»