دعماً لصورتها الدولية بوصفها نموذجاً لمكافحة الجريمة العابرة للحدود في كل أشكالها، وتأكيداً على رسوخ هذا التوجه في نهج دولة الإمارات، شارك وفد إماراتي في الاجتماع العام الأربعين للمجموعة الأورو-آسيوية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب في قيرغيزستان، الذي عقد خلال الفترة من 27- 31 مايو 2024.
وتؤكد المقاربة الوطنية والاستراتيجيات التنفيذية النهج الراسخ لدولة الإمارات في دعم جهود مكافحة الجريمة العابرة للحدود، والتمسك بأن تظل الإمارات رائدة في مكافحة غسل الأموال، والتصدي للتدفقات المالية الموجهة لتمويل الأنشطة الإرهابية.
ويحظى هذا التوجه برعاية ودعمٍ كاملين من صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، ومتابعة حثيثة ومتواصلة من جانب الحكومة والمؤسسات المعنية، ودوائر صنع القرار داخل الدولة، والتي ترى في غسل الأموال وتمويل الإرهاب جرائم يتعدى تأثيرها الحيز الجغرافي الذي تُمارس فيه. ولذا فقد سنت الدولة تشريعات عدة لمكافحة تلك الجرائم، من أبرزها: القانون الاتحادي رقم (4) لعام 2002 بشأن غسل الأموال، والتعديلات التي أدخلت عليه في 2014 ليتناسب مع تطورات تلك الجريمة، والمرسوم الاتحادي رقم (20) لسنة 2018 المعدل بالمرسوم الاتحادي رقم (26) لسنة 2021، من أجل تعزيز الإطار القانوني والمؤسسي لمواجهة غسل الأموال ومكافحة تمويل الإرهاب في الدولة.
وقد هدفت دولة الإمارات من مشاركتها في اجتماعات المجموعة الأورو-آسيوية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب إلى ترسيخ التعاون الفعال مع الشركاء الدوليين والإقليميين عبر آليات الهيئات الجماعية، وتبادل الخبرات بشأن القضايا الرئيسية، بما يشمل الأنماط الجديدة لغسل الأموال وتمويل الإرهاب، التي باتت تشكل تهديداً أكثر خطورة.
ويتضمن تعاون الإمارات مع المجموعة الأورو-آسيوية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، دعم برامج الجهات المانحة للمجموعة، وبرنامج المساعدة الفنية لتركمانستان، بما يدعم المكافحة الجماعية للجرائم المالية، وخاصةً في الفترة الأخيرة التي تشهد تنامي أنماط جديدة من التمويل توصف بكونها عمليات معقدة وصعبة التتبع، ومحاولة بعض الجماعات استغلال مكانة دولة الإمارات كمركز مالي إقليمي ودولي لارتكاب بعض تلك الجرائم.
ولمواكبة تلك الأنماط الجديدة وغير الاعتيادية من الجريمة العابرة للحدود، تعهد سعادة حامد الزعابي، المدير العام للمكتب التنفيذي لمواجهة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، خلال الاجتماع، باستمرار التعاون الإماراتي مع الشركاء الدوليين والإقليميين لمكافحة تلك الأنماط من الجريمة، مؤكداً أن الإمارات ستظل شريكاً موثوقاً فيه في مواجهة تلك الجرائم.
وتشير هذه التصريحات إلى التزام الدولة الثابت بمواصلة أداء دور عالمي في مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وفي تعزيز وتمتين الجهود الدولية المشتركة لمواجهة الجرائم التي تستهدف النيل من استقرار الدول، وفتح المجال للتعاون الثنائي والمتعدد الأطراف للحد من الممارسات التي تقوض الدولة الوطنية.
وفي ظل الحرص على مواصلة الوفاء بهذه الالتزامات على النحو الأمثل، فقد حرصت دولة الإمارات على التطوير المستمر لمنظومتها الوطنية، على المستويين المؤسسي والتشريعي، على النحو الذي أتاح لها إجراء تقييم وطني دقيق ومُحكم للمخاطر، أعده المكتب التنفيذي لمواجهة غسل الأموال وتمويل الإرهاب بالشراكة مع مختلف الجهات الاتحادية والمحلية، ومشروع الاستراتيجية الوطنية لمواجهة غسل الأموال وتمويل الإرهاب وتمويل انتشار التسلح للأعوام 2024 - 2027، والانفتاح على التشاور وتبادل الخبرات بما يدعم القدرات الوطنية في مكافحة هذه الجرائم التي لا تستهدف فقط الأمن الوطني، وإنما السعي لإرباك الأوضاع في عدد من دول الإقليم.
وتدعم هذه الأطر المؤسسية والتشريعية ريادة دولة الإمارات، وتؤكد على أهمية الشراكات الدولية التي تتعلق بمكافحة الإرهاب وغسل الأموال، وتعزز تطوير المقاربات الوظيفية لمكافحة تلك الجرائم، بما يرسخ ريادة الدولة وأهمية دورها الإقليمي والعالمي في مواجهة تطور تلك الجرائم وتنوعها، وتهديدها للسلم والأمن المجتمعي.
*صادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية