في وقت متأخر من حملتها التمهيدية ضد دونالد ترامب - بعد أن تأكد ترامب من ترشيحه - بدأت نيكي هايلي في التعبير عن انتقادات شديدة لملاءمته للمنصب. وقالت: «إذا كنت تسخر من خدمة أحد المحاربين القدامى، فأنت لا تستحق الحصول على رخصة قيادة، ناهيك عن أن تكون رئيساً للولايات المتحدة».
أثار هذا الخطاب حماسة الناخبين الذين يعارضون ترامب بشدة. وبما أن عدداً قليلاً جداً من هؤلاء الناخبين ما زالوا «جمهوريين»، فقد كان من المستحيل أن يؤدي دعمهم إلى جعلها المرشحة «الجمهورية». لكنه سمح لها بأن تكون بمثابة نوع من التصويت الاحتجاجي داخل الانتخابات التمهيدية للحزب «الجمهوري». لكن الآن عادت هيلي لدعم ترامب بشكل متقطع. وتقول إنها ستصوت له في الخريف. لم تتراجع عن أي شيء قالته عنه، لكنها تقول إن الرئيس بايدن أسوأ. وقد خيب موقفها الأخير آمال بعض الأشخاص الذين كانوا يدعمونها مؤخراً.
ولكن لا أحد صُدِمَ به. لقد تحدث عدد كبير جداً من «الجمهوريين» - لا يسعنا ذكرهم هنا - ذات يوم بقسوة عن ترامب، لكن انتهى بهم الأمر إلى دعمه على أي حال. وقد رأينا منهم ما يكفي لفهم تفكيرها حتى لو اختلفنا معها. أولاً، هناك إغراء الثنائية (نمط من التفكير يعتمد على أمرين متعارضين). وباستثناء وقوع بعض الكوارث الصحية، سيؤدي بايدن أو ترامب اليمين كرئيس في العشرين من يناير. ويرى معظم السياسيين، مثل معظم الناخبين، أن الشيء المسؤول الذي ينبغي القيام به هو اختيار الأفضل، أو الأقل سوءاً، بين الاثنين. قد يرفض مايك بنس وبول د. ريان فكرة أن لدينا أي التزام من هذا القبيل، لكنهما يمثلان أقلية وحيدة. والرأي القائل بأن بايدن أسوأ من ترامب هو الرأي الذي يتبناه بصدق ما يقرب من نصف البلاد، بما في ذلك الغالبية العظمى من «الجمهوريين». وقد تكون هذه هي وجهة نظر هايلي الفعلية أيضاً. إذا كان الأمر كذلك، فإن المصلحة الذاتية تدعم ذلك. لو كان ترامب يتجه نحو هزيمة ساحقة، لكان من الممكن أن تحجب هايلي دعمها وتقدم نفسها بعد ذلك على أنها الشخص الذي أخبرنا بذلك.
لكن استطلاعات الرأي تخبرنا أن هذا السباق لا يتجه إلى هذه النتيجة. إذا فاز ترامب، وخاصة بفارق ضئيل، فإن هيلي غير الداعمة ستكون هي الشخص الذي كاد يكلف «الجمهوريين» النصر. وإذا خسر بفارق ضئيل، فإن رفضها دعمه سيبدو أسوأ من ذلك: فهي ستكون هي التي حكمت على البلاد بفترة ولاية أخرى لبايدن ونائبته هاريس. في الظروف العادية، هناك طريقة لحفظ ماء الوجه بالنسبة للمرشحين الخاسرين في الانتخابات التمهيدية، وهي التوفيق بين ما قالوه عن المرشح ومطالب وحدة الحزب: فهم يساومون على التنازلات. وعندما انسحبت هيلي، قالت إن ترامب يجب أن يخطب ود الأشخاص الذين صوتوا لها.
وقد كررت هذه النقطة عندما أعلنت تفضيلها للتصويت، على الرغم من أن ترامب لم يقم بأي تودد في هذه الأثناء. ولكن لم يكن هناك جدوى من الصمود لأكثر من ذلك. وكانت انتقادات هايلي الأكثر فعالية ضد ترامب تتعلق بشخصيته، وليس بسياساته. هذا ليس نقداً يفسح المجال للمساومة. ولا يستطيع ترامب أن يعد بشكل موثوق بتبني عدد أقل من نظريات المؤامرة، أو أن يكون شخصا مختلفاً تماماً. وربما لم يغب عن بال هايلي ملاحظة أنه، بالإضافة إلى عدم وجود ما يمكن المساومة عليه، لم يكن لديها الكثير للمساومة عليه. لم يكن الكثير من ناخبي هايلي مؤيدين لها بقدر ما كانوا مناهضين لترامب. وتأييدها الفاتر لن يغير رأيهم عنه. إنها فقط ستفسد مزاجهم تجاهها. لكنها ستحتفظ ببعض حسن النية بين العدد الأكبر من الجمهوريين الذين يقفون خلف ترامب.
*رئيس تحرير مجلة ناشيونال ريفيو وزميل في معهد أميركان إنتربرايز.
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست لايسنج آند سينديكيشن»