يواصل صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، رسم خريطة طريق لسياسة دولة الإمارات الخارجية، وهي سياسة في غاية الدقة والوضوح والتوازن.. سياسة مبنية على رؤية استراتيجية للمصالح والغايات، وبموجبها تتجه دولة الإمارات شرقاً من خلال توسيع الشراكات القائمة وخلق أخرى جديدة.
وقد أدى صاحب السمو رئيس الدولة زيارةً لجمهورية كوريا تلبيةً لدعوة الرئيس يون سوك يول، وسط حفاوة رسمية وترحيب شعبي بالغين، تبعتها زيارةُ دولةٍ تلبيةً لدعوة الرئيس الصيني شي جين بينغ. وخلال الزيارة سيحضر صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة مراسم افتتاح الاجتماع الوزاري الـ10 لمنتدى التعاون الصيني العربي.
وتأتي الزيارتان كاستمرار لسياسة دولة الإمارات الخارجية القائمة على تقوية علاقاتها مع جميع دول العالم، لاسيما منها تلك التي تمتلك إرثاً حضارياً عريقاً ولها الحضور والتأثير القويين عالمياً، وترتكز إلى أسس اقتصادية قوية.
وجاءت زيارة صاحب السمو رئيس الدولة للصين في وقت تحتفي فيه كل من دولة الإمارات العربية المتحدة وجمهورية الصين الشعبية بالذكرى الأربعين لإقامة العلاقات الدبلوماسية بينهما، مما يضفي على الزيارة رمزيةً تاريخية تعكس عمق العلاقات التي بدأت رسمياً في عام 1984 مع تدشين العلاقات الدبلوماسية بينهما، إذ كان للمغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، دور بارز في صياغة العلاقات الإماراتية الصينية، والتي تأثرت كثيراً بقيادته الحكيمة ورؤيته المستقبلية، مما أسهم في بناء جسور التعاون المثمر وإغناء تاريخ العلاقة بين البلدين. وتم افتتاح سفارة الصين في أبوظبي في أبريل 1985، وافتتاح سفارة الدولة في بكين في مارس 1987، وبذلك تعزز التواصل بين البلدين. وشهدت الإمارات تنفيذ العديد من مشاريع البنية التحتية الضخمة بالتعاون مع الجانب الصيني. ومع إعادة الصين رسم ملامح طريق الحرير التاريخي عبر مبادرة «الحزام والطريق»، أصبحت دولة الإمارات محطةً رئيسية في الخريطة الجديدة، لتستمر رؤية الشيخ زايد في تعزيز العلاقات الإماراتية الصينية ولتتواصل مسيرة التعاون المثمر بين البلدين، مع المزيد من النجاحات في مختلف المجالات الاقتصادية والثقافية والسياسية، وليستمر البلدان في العمل معاً لتحقيق التنمية والازدهار المشتركين.
وتسهم الزيارات الرسمية المتبادلة بين قيادتَي البلدين في ترسيخ العلاقات الثنائية ودفعها نحو مزيد من التطور. وتعد الزيارة الحالية التي يؤديها صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، السادسة في ترتيب زياراته الرسمية للصين، إذ سبق أن زارها خمس مرات في محطات تاريخية تم خلالها وضع أسس راسخة لعلاقات مستدامة بين البلدين. فقد زارها في أغسطس 2009، ثم في مارس 2012، وبعدها في ديسمبر 2015، ليزورها أيضاً في يوليو 2019، ثم في فبراير 2022.
وتأتي الزيارة الحالية في ظل الظروف الدقيقة التي تمر بها منطقة الشرق الأوسط، لتؤكد حرصَ دولة الإمارات على تطوير علاقاتها الاستراتيجية، استمراراً لمساعيها من أجل خلق توازن في العلاقات والمصالح ضمن علاقاتها الدولية، خاصة في ظل التوترات والتغيرات في موازين القوة الدولية. وقد نجحت الإمارات خلال العقود الماضية في بناء علاقات قوية مع الدول الآسيوية، لاسيما كوريا والصين.
وقد أبدت كل من كوريا والصين ترحيباً استثنائياً بالزيارتين اللتين أداهما لهما صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، والتي تأتي كي تؤسس لعلاقات إماراتية أكثر قوة ومتانة وأكثر استدامة وتطوراً في ظل شراكة استراتيجية مستمرة مع كل من البلدين.
*كاتبة إماراتية